ما هي الكنيسة؟

 ماذا تعني لفظة كنيسة؟

إنّها تدلّ على الشّعب الّذي يدعوه ويجمعه الله من أقاصي الأرض، ليُنشئ جماعة الّذين بالإيمان والمعموديّة، يصيرون أبناء الله، وأعضاء المسيح، وهياك الرّوح القدس.

ما هي، في الكتاب المقدّس، الأسماء والصّور الأخرى الّتي تدلّ على الكنيسة؟

نجد في الكتاب المقدّس كثيرًا من الصّور تبيّن المظاهر المختلفة لسرّ الكنيسة. والعهد القديم يُفضّل الصّور المرتبطة بشعب الله، والعهد الجديد تلك المرتبطة بالمسيح بصفته رأس ذلك الشّعب الّذي هو جسده. وهي مأخوذة من الحياة الرّعائيّة (حظيرة، قطيع، غنم)، والحياة الرّيفيّة (حقل، زيتونة، كرمة)، ومن السّكن (منزل، حجر، هيكل)، والحياة العيليّة (العروس، الأمّ، الأسرة),

ما هي بداية الكنيسة ونهايتها؟

بداية الكنيسة ونهايتها هما في قصد الله الأبديّ. هُيِّئت في العهد القديم باختيار إسرائيل، علامة تجمّع جميع الأمم في المستتقبل. وقامت على أساس قول المسيح وفعله، واكتملت خصوصًا بموته الفدائيّ وقيامته. وظهرَتْ من بعد سرّ خلاص بإفاضة الرّوح القدس في العنصرة. وستبلغ تمامها في آخر الأزمنة كجماعة سماويّة لجميع المفتدَين.

ما هي رسالة الكنيسة؟

رسالة الكنيسة أن تُعلن وتقيم بين الأمم ملكوت الله الّذي بدأه يسوع المسيح. وهي على الأرض نواة ملكوت الخلاص هذا وبدايته.

بأيّ معنًى الكنيسة هي سرّ؟

الكنيسة سرّ لأنّها في حقيقتها المرئيّة تمثّل وتتمّم حقيقةً روحيّة، إلهيّة، لا تمكن رؤيتها إلّا بعيون الإيمان.

ماذا يعني للكنيسة أن تكون سرّ الخلاص الشّامل؟

هذا يعني أنّها علامة وأداة المصالحة وشركة البشريّة جمعاء مع الله، ووحدة الجنس البشريّ بأسره.

لماذا الكنيسة هي شعب الله؟

الكنيسة هي شعب الله لأنّ الله ارتضى أن يقدّس ويخلّص البشر، لا كأفراد، بل بجعلهم شعبًا واحدًا، مجتمعًا في وحدة الآب والابن والرّوح القدس.

ما هي خصائص شعب الله؟

هذا الشّعب، الّذي يكون عضوًا فيه مَن يؤمن بالمسيح ويعتمد، مصدره الله الآب، ورأسه يسوع المسيح، وحاله كرامة أبناء الله وحرّيّتهم، وشريعته وصيّة المحبّة الجديدة، ورسالته أن يكون ملح الأرض، ونور العالم، وغايته ملكوت الله الّذي قد بدأ على الأرض.

بأيّ معنًى يُشارك شعب الله في وظائف المسيح الثّلاث: الكهنوتيّة والنّبويّة والملكيّة؟

يشارك شعب الله في وظيفة المسيح الكهنوتيّة لأنّ المعمّدين قد تكرّسوا بالرّوح القدس لكي يقدّموا ذبائح روحية. ويشارك في وظيفته النّبويّة لأنّه بحسّ الإيمان الفائق الطّبيعة يتمسّك تمسّكًا ثابتًا بالإيمان، ويتعمّق في فهمه ويصبح له شاهدًا. ويشارك في وظيفته الملكيّة بالخدمة، على مثال المسيح يسوع، ملك الكون، الّذي جعل نفسه خادمًا للكلّ، وخصوصًا الفقراء والمتألّمين.

كيف تكون الكنيسة جسد المسيح؟

المسيح الّذي مات وقام يجعل، بالرّوح القدس، المؤمنين به، يتّحدون اتّحادًا حميمًا به. وهكذا فالمؤمنين بالمسيح، لأنّهم متّحدون اتّحادًا وثيقًا به، خصوصًا في الإفخارستيّا، يتّحدون في ما بينهم بالمحبّة، ويؤلّفون جسدًا واحدًا هو الكنيسة الّتي تتكوّن وحدتها في تنوّع الأعضاء والوظائف.

مَن هو رأس هذا الجسد؟

المسيح هو “رأس الجسد الّذي هو الكنيسة” (كولوسّي 18:1). الكنيسة تحيا منه وفيه وبه. والمسيح والكنيسة يؤلّفان “المسيح بكامله” (القدّيس أوغسطينوس). “رأس وأعضاء، شخص واحد سرّيّ، إن صحّ التّعبير” (القدّيس توما الأكوينيّ).

لماذا يُقال في الكنيسة إنّها عروس المسيح؟

لأنّ المسيح نفسه دلّ على ذاته بأنّه ال”عريس” (مرقس 19:2) الّذي أحبّ الكنيسة وارتبط بها بعهد أبديّ. لقد بذل نفسه لأجلها ليطهّرها بدمه، “ويجعلها مقدّسة” (أفسس 26:5)، وأمّا مخصبة لجميع أبناء الله. وإذا كانت لفظة “جسد” تُظهر وحدة “الرّأس” والأعضاء، فلفظة “عروس” تُبرز تمايز الاثنين في علاقة شخصيّة.

لماذا يُقال في الكنيسة إنّها هيكل الرّوح القدس؟

لأنّ الرّوح القدس يسكن في الجسد الّذي هو الكنيسة، في رأسه وفي أعضائه. وإضافة إلى ذلك فهو يبني الكنيسة في المحبّة، بكلمة الله، والأسرار والفضائل، والمواهب.

ما هي المواهب الّلدُنيّة؟

المواهب الّلدنيّة (الكاريسم) هي نِعَم خاصّة من الرّوح القدس معطاة لأشخاص لخير البشر، وسدّ حاجات العالم، وخصوصًا لبناء الكنيسة. وتمييز هذه المواهب يعود إلى السّلطة في الكنيسة.

لماذا الكنيسة واحدة؟

الكنيسة واحدة لأنّ ينبوعها ومثالها هما وحدة الإله الواحد، في ثالوثيّة الأقانيم. ولأنّ مؤسّسها ورأسها هو يسوع المسيح الّذي يجمعجميع الشّعوب في وحدة جسد واحد. ولأنّ روحها، الرّوح القدس هو الّذي يوحّد المؤمنين جميعًا في الشّركة في المسيح. ولها إيمان واحد، وحياة أسراريّة واحدة، وخلافة رسوليّة واحدة، ورجاء واحد، ومحبّة واحدة.

أين تستمرّ وحدة كنيسة المسيح؟

تستمرّ كنيسة المسيح الواحدة، بمثابة مجتمع قائم ومنظّم في العالم، في الكنيسة الكاثوليكيّة الّتي يسوسها خليفة بطرس والأساقفة الّذين على الشّركة معه. بهذه الكنيسة وحدها يمكن الحصول على ملء وسائل الخلاص، لأنّ الرّبّ قد ائتمن، على جميع خيور العهد الجديد، الجماعة الرّسوليّة الّتي يرئسها بطرس.

كيف ننظر إلى المسيحيّين غير الكاثوليكيّين؟

في الكنائس والجماعات الكنسيّة الّتي انفصلت عن ملء الشّركة مع الكنيسة الكاثوليكيّة يوجد كثير من عناصر التّقديس والحقيقة. وجميع عناصر الخير هذه تأتي من المسيح وتقود إلى الوحدة الكاثوليكيّة. وأعضاء هذه الكنائس والجماعات هم بالمعموديّة أعضاء في جسم المسيح، فنعترف إذن بهم إخوة لنا.

كيف يكون التزام الوحدة المسيحيّة؟

الرّغبة في العودة إلى الوحدة بين جميع المسيحيّين هي موهبة من المسيح ودعوة من الرّوح القدس. وهي من شأن الكنيسة جمعاء وتتمّ بتوبة القلب والصّلاة، والتّعارف الأخويّ المتبادل والحوار الّلاهوتيّ.

بأيّ معنًى الكنيسة مقدّسة؟

الكنيسة مقدّسة لأنّ الله القدّوس هو الّذي أنشأها. والمسيح بذل نفسَه لأجلها ليقدّسها ويجعلها مقدّسة. والرّوح القدس يحييها بالمحبّة، وفيها يوجد ملء وسائل الخلاص. القداسة هي دعوة كلّ واحد من أعضائها وغاية كلّ عمل من أعماله. والكنيسة تضمّ في حضنها مريم البتول وعددًا لا يحصى من القدّيسين الّذين هم أمثلة لها وشفعاء. وقداسة الكنيسة هي ينبوع التّقديس لأبنائها الّذين يعترفون كلّهم بأنّهم، على الأرض، خطأة، ويفتقرون دومًا إلى التّوبة والتّطهّر.

لماذا دُعيت الكنيسة كاثوليكيّة؟

الكنيسة كاثوليكيّة أي جامعة لأنّ المسيح حاضر فيها. “حيث يكون المسيح يسوع تكون الكنيسة الكاثوليكيّة” (القدّيس إغناطيوس الأنطاكيّ). إنّها تعلن الإيمان بكلّيّته وكماله. وهي تحوي وتدير ملء وسائل الخلاص. وهي حُمّلَت رسالة إلى جميع الأمم، وجميع العصور وإلى أيّ ثقافة ينتمون.

هل كلّ كنيسة خاصّة هي كاثوليكيّة؟

كاثوليكيّة هي كلّ كنيسة خاصّة (أي ابرشيّة) تتألّف من مجموعة من المسيحيّين في شركة الإيمان والأسرار مع أسقفهم المرسوم في الخلافة الرّسوليّة، ومع كنيسة روما الّتي لها “صدارة المحبّة” (القدّيس إغناطيوس الأنطاكي).

مَن ينتمي إلى الكنيسة الكاثوليكيّة؟

جميع النّاس، ينتمون إلى وحدة شعب الله الكاثوليكيّة أو هم مدعوّون إليها على وجوه مختلفة. وينتمي إلى الكنيسة الكاثوليكيّة انتماءً تامًّا مَن كان فيه روح المسيح وارتبط بها برباط الاعتراف بالإيمان، وبالأسرار، والحكم الكنسيّ والشّركة. والمُعمَّدون الّذين لا يحقّقون تمامًا هذه الوحدة الكاثوليكيّة هم في نوع من الشّركة، وإن كانت ناقصة، مع الكنيسة الكاثوليكيّة.

ما هي علاقة الكنيسة الكاثوليكيّة بالشّعب اليهوديّ؟

ترى الكنيسة الكاثوليكيّة علاقتها بالشّعب اليهوديّ في واقع أنّ الله اختار هذا الشّعب، قبل جميع الآخرين، لقبول كلمته. وللشّعب اليهوديّ “التّبنّي والمجد، والعهد، والشّريعة، والعبادة، ووعود الله. ولهم الآباء، ومنهم وُلد المسيح بحسب الجسد” (روما 4:9، 5). والإيمان اليهوديّ، بخلاف الديانات الأخرى غير المسيحيّة، هو جواب عن وحي الله في العهد القديم.

ما هي العلاقة بين الكنيسة الكاثوليكيّة والدّيانات غير الكاثوليكيّة؟

إنّها أوّلًا علاقة أصل الجنس البشريّ كلّه وغايته. تعترف الكنيسة الكاثوليكيّة أنّ ما في الديانات الأخرى من خير وحقّ هو من الله. إنّه شعاع من حقيقته. وهذا بإمكانه التّمهيد لقبول الإنجيل، والدّفع إلى وحدة الجنس البشريّ في الكنيسة الكاثوليكيّة.

ما معنى “لا خلاص خارج الكنيسة”؟

هذا يعني أنّ كلّ خلاص يأتي من المسيح – الرّأس عن طريق الكنيسة الّتي هي جسده. فلا يستطيع الخلاص إذًا أولئك الّذين، مع علمهم بأنّ الكنيسة قد أسّسها المسيح وأنّها ضروريّة للخلاص، يأبون الدخول إليها أو الثّبات فيها. ومن جهة أخرى إنّ الّذين يجهلون إنجيل المسيح وكنيسته على غير ذنبٍ منهم، بل يطلبون الله بصدق، ويجتهدون بتاثير النّعمة، أن يتمّموا إرادته كما يمليها عليهم ضميرهم، فهؤلاء يمكنهم بنعمة المسيح وكنيسته أن ينالوا الخلاص الأبديّ.

لماذا على الكنيسة أن تُعلن الإنجيل للعالم؟

لأنّ المسيح أوصى بذلك: “اذهبوا وتلمذوا كلّ الأمم، وعمّدوهم باسم الآب والابن والرّوح القدس” (متّى 19:28). وتوصية الرّبّ الإرساليّة هذه مصدرها في محبّة الله الأزليّة، هو الّذي أرسل ابنه وروحه لأنّه: “يريد أنّ جميع النّاس يخلصون ويبلغون إلى معرفة الحقّ” (تيموثاوس 4:2).

كيف تكون الكنيسة رساليّة؟

إنّ الكنيسة، بقيادة الرّوح القدس، تواصل عبر التّاريخ رسالة المسيح نفسه. فعلى المسيحيّين إذن أن يحملوا إلى الجميع البُشرى الحسنة الّتي جاء بها المسيح، سالكين الطّريق نفسها الّتي سلكها هو، مستعدّين كذلك للتّضحية حتّى الاستشهاد.

لماذا الكنيسة رسوليّة؟

الكنيسة رسوليّة بأصلها لأنّها بُنِيَت على أساس الرّسل (أفسس 20:2)، وبتعليمها الّذي هو تعليم الرّسل، وهيكليّتها لأنّها بُنيت، وقُدّست، وتُساس، حتّى عودة المسيح، على يد الرّسل، وبفضل خلفائهم الأساقفة الّذين في شركة مع خليفة بطرس.

ما هي رسالة الرّسل؟

لفظة “الرّسول” تعني الموفَد. يسوع، رسول الآب، دعا إليه الاثني عشر، المختارين من بين تلاميذه، وأقامهم رسلًا له، وجعلهم شهودًالقيامته، وأركان كنيسته. وأناط بهم مهمّة مواصلة رسالته، قائلًا: “كما أرسلني الآب كذلك أنا أرسلكم” (يوحنّا 21:20) ووعدهم بأن يبقى معهم إلى منتهى العالم.

ما معنى الخلافة الرّسوليّة؟

الخلافة الرّسوليّة هي نقل رسالة الرّسل وسلطانهم إلى خلفائهم الأساقفة بسرّ الكهنوت، وبهذا النّقل تستمرّ الكنيسة في شركة إيمان وحياة مع أصلها، بينما هي تمارس، على مدى العصور، رسالتَها بنشر ملكوت الله على الأرض.