المقدمة

المقدمة

منذ بضع سنوات لاحظنا في بلدتنا أن هناك تشويشاً كبيراً دخل البلدة وبدأ عمله. وأبقيت عيني تراقب بعض الأشخاص لكي أكشف ذلك الروح الذي يبلبل ولكنهم لم يفتحوا قلوبهم ولم يكشفوا ماهية التعاليم التي يتشرّبونها. سافرت الى أميركا اللاتينية واستقررت على بعد 15000 كلم من لبنان. من هناك دخلت الفايسبوك الى صفحة أحدهم ولاحظت أنه يعلّم تعاليم مناقضة لروح الإنجيل. يعلّم عقيدة الصحة والازدهار وان لا نصلي “لتكن مشيئتك” وأن لا نقول “ليأت ملكوتك” وبدأ يرسل إعلانات أن إن أردت الشفاء أن تتصل به. حفظت النصوص التي يكتبها وعملت لها  copy  وpaste على google، فوجدت الموقع الإلكتروني الذي يأخذ منه هذه التعاليم المضلة. تفحّصت هذه التعاليم ووجدت أنها عقائد شخص إسمه كينيث هاغن. وبدأت أبحاثي حول هذا الرجل وكانت الصدمة كبيرة: كينيث هاغن سرق تعاليمه من اسيك كانيون الذي أخذ أفكاره من الغنوصية والفكر الأعلى  وال New Age  وكانت لديه روابط ماسونية وقد سرقها كينيث هاغن وأسس تيار “كلمة الإيمان” ومبشرو “كلمة الإيمان” هم اليوم بيني هين، جويس ماير، كينيث كوبلاند والكثير غيرهم سنأتي على ذكرهم في هذا الكتاب. واكتشفت أن الموقع الإلكتروني هو لرجل مصري تتلمذ على يد كينيث هاغن في تالسا، أوكلاهوما، الولايات المتحدة الأميركية. ودور هذا الرجل المصري هو تهيئة رعاة لنشر تعاليم كينيث هاغن في الشرق الأوسط. بعد هذا الإكتشاف قمت بمواجهة هذا الشاب عبر الفايسبوك. فقلت له: “هذه التعاليم تناقض روح الإنجيل”. قال: “هذه التعاليم ليست مني”. وهنا كان يقصد أن تعاليمه هي من الروح القدس والكتاب المقدّس. فقلت: “صدقت. إنها ليست منك. إنها تعاليم كينيث هاغن الهرطوقي ومبشري تيار كلمة الإيمان.” فابتسم قائلاً: “أحسنت، هؤلاء من أتغذّى منهم روحياً وخدماتهم تمتد لتشمل الأرض كلها.” حينئذ قلت له: “لن أسكت بعد اليوم.” لا، لن أسمح لهذه البدعة أن تدخل البلدة.
وأسرعت وكتبت رسالة الى الشبيبة الذين عانوا هذا التشويش:
“أحبائي الشبيبة!
أرجو أن تكونوا بصحة جيدة وموفقين في كل شيء،
لقد وصلتني أخباركم السعيدة وكيف عشتم الأعياد بتقوى وإيمان وتوبة وتجدد مع جهد مستمر في خدمة الكنيسة ودعم كهنتكم. أشكر الرب على إيمانكم ومحبتكم لبعضكم البعض. ولولا بعض البلبلة التي تحصل فيما بينكم بسبب تعاليم تناقض إيماننا الكاثوليكي -وهذا ليس بجديد- لكان فرحكم كاملاً. ولكنني أطلب إليكم أن لا تنجرّوا الى المماحكات والمجادلات. وإن شعرتم باحتقار البعض لتقواكم فاحسبوه فخراً لكم. وإن شعرتم أن هناك من يحسب نفسه أعلى مرتبة منكم في الإيمان، فصلوا من أجله. ولا تستثنوا أحداً في صلاتكم إذ جميعكم أخوة وأحباء. طريقنا الى الملكوت تقتضي التواضع والطاعة والمحبة للجميع وكونوا مثال في ذلك. ولا تعطوا فرصة لأن يتهمكم أحد بالاضطهاد لا القريب ولا الغريب لئلا يبني على أفكاره فيضلّ. أعلم أن من حقكم أن “تنقزوا” وان تقلقوا من وجود تعاليم تخالف التعاليم التي تلقيتموها ومن حقكم أن تحذروا وتنتبهوا على الصغار من ذلك. فهذا ليس اضطهاداً لأحد إنما حذر مقدّس. وقد صدق إحساسكم ب”النقزة” لأن التعليم الذي يتشرّبه البعض عن قصد أو غير قصد، ليس مصدره الإنجيل كما يقول البعض، وإن كان ظاهره كذلك، بل هذا التعليم مصدره عقيدة Kenneth Hagin المخالفة لروح الانجيل. اليوتيوب مليء بالأفلام عنه فتحققوا بانفسكم. وهذه العقيدة تغري الناس بفكرة النجاح والقوى الخارقة وتجعل النجاح صنماً وتستبدل قوة المسيح بقوة الإيمان فيصبح الإيمان ذاته صنماً آخر. والإيمان بالنسبة الى هذه العقيدة أشبه بوصفة سحرية منطوقة تخرج قوة تغيّر ما تريد تغييره على طريقة كوني فكانت. فإذا لم يحدث التغيير الفوري فذلك دليل على أن الشخص إيمانه غير حقيقي. ويعلّم أيضاً إنجيل الصحة والازدهار جاعلاً كل مرض من الشيطان وكل فقر من الخطيئة. فإن كنت مريضاً فهذا من الشيطان. وإن كنت فقيراً فهذا من غياب بركات الله وبالنسبة اليه المؤمن الحقيقي لا يمرض ولا يفتقر. وأساس هذه العقيدة يعود الى E.W. Kenyon المرتبط بالفكر الأعلى أو الفكر الجديد والماسونية وبدعة الغنوصية. وكل هذا التعليم مدان حتى من الجماعات الانجيلية المعمدانية. فلا تخلطوا بين الإنجيليين وهذا الموضوع.

والذين يبشرون بهذه العقيدة هم “رعاة” تيار “كلمة الإيمان” Word of Faith Movement، هذا التيار هو مجموعة من “الرعاة” مثل Benny Hinn, ، Kenneth&Gloria Copeland,
Frederick Price, Robert Tilton, Paula White, Joel Osteen, Creflo Dollar
, Joyce Meyer وغيرهم. من خلال تعاليمهم الجذابة والخوارق المبهرة يمرّرون للناس عبر التلفزيون والكتب ومواقع على الانترنت هذه العقيدة، ظاهرها كتابي ولكن حقيقتها آيات قد أخذت خارج سياقها لتوافق معتقدات المؤسس Kenneth Hagin وجعلوا من آيات (الكتاب المقدّس) عقائد تناقض روح الإنجيل وتناسب أفكارهم. حوّلوا إنجيل المسيح الى إنجيل المال. لا تدعوا أحداً يضلّكم. نعم يستطيع الرب أن يشفيني ولكن بحسب إرادته. ويستطيع أن يجعلني أزدهر ولكن بحسب إرادته. ليس كل مرض من الشيطان والخطيئة. وليس كل فقر دليل نقص في الإيمان. والهدف من حياتنا ليس المال والصحة بل الله والقداسة.

إن أراد أحد منكم التعمق في هذا الموضوع لفهم مخاطر هذا التعليم واجوبتنا عليه، رجاء أن تعلموني عبر بريدي الإلكتروني فأرسل إليكم عن تعاليمهم ولماذا هو خطر على السامع وعلى الناشر، وما هي أقوال المبشرين بهذا المعتقد.
كنت أتمنى الحديث عن هذا الموضوع مع المعنيين -الذين أحبهم محبة أخوية عميقة- على انفراد ولكنني لم أجد آذاناً صاغية لديهم ومستعدة للحوار بل وجدت قناعة وتشبّث في الطريق التي اختاروها وكل إنسان حرّ في اختيار الطريق الذي يريد. ولذلك وجب عليّ كتابة هذه الرسالة، التي لا تدين أحداً، لتحذيركم من هذه العقيدة وحمايتكم من أضاليلها وحثكم على الانتباه على الشباب الآخرين. ولا تجعلوا من هذه الرسالة فرصة للتهجم على أخ أو لإدانته او احتقاره أو عزله فذلك ليس من روح الرب بل لتكن فرصة لمعرفة الحق والحق يحرركم من الخوف من الآخر. أناشدكم أن تحبوا الجميع وتصلوا من أجل الجميع وخاصة أمام القربان المقدّس. أستودعكم محبة الله وحماية العذراء سيدة التلة.
وصلوا من أجلي وإن صدر مني أي شيء جارح لأحد منكم في أي وقت من الأوقات السابقة أوالحاضرة فلا يمكن أن يكون سوى بسبب خوفي إما عليكم وإما على الرعية وإما على أبناء الكنيسة وإما على مسيحيي لبنان.
بركة سيدنا يسوع المسيح تكون معكم الى الأبد.

الأب أنطونيو الفغالي

 

كيف بدأ تيار “كلمة الإيمان”؟ من هم المبشّرون في هذا التيار؟ ما هي عقائد المؤسس؟ ما هي مخاطر هذا التعليم؟ كيف نعرفهم؟ لقد حذّرنا الكتاب المقدّس أن: “سيدخل فيكم بعد رحيلي ذئاب خاطفة لا تبقي على القطيع ويقوم من بينكم أنفسكم أناس يتكلّمون بالضلال ليحملوا التلاميذ على اتباعهم.” (أعمال الرسل 20 : 29 – 30). في هذا الكتاب سنحاول الإجابة على جميع هذه الأسئلة للإضاءة على هذا التعليم المضلل الذي يشبه الى حد كبير الثمرة التي أكلها آدم وحواء: “موتاً لا تموتان، فالله عالم انكما في يوم تأكلان من ]هذا التعليم[ تنفتح أعينكما وتصيران كآلهة تعرفان الخير والشرّ.[1]

وكانت سقطة البشرية.


[1](سفر التكوين 3 : 4)