من هو يسوع المسيح؟

 

ما هي البشرى الحسنة للإنسان؟

هي الإعلان عن يسوع المسيح، “ابن الله الحيّ” (متّى 16:16) الّذي مات وقام. ففي عهد الملك هيرودس الكبير والإمبراطور أوغسطس قيصر، أتمّ الله عهده لإبراهيم ونسله بإرسال “إبنه، مولودًا من امرأة، مولودًا تحت النّاموس، ليفتدي الّذين تحت النّاموس وننال التّبنّي” (غلا 4:4-5).

كيف انتشرت البشرى الحسنة؟

منذ البدء اضطرم التّلامذة الأوّلون رغبة في التّبشير بيسوع المسيح، ليدعوا البشر أجمعين إلى الإيمان به. واليوم أيضًا تنشأ من المعرفة الحبّيّة للمسيح الرّغبة في “التّبشير” والتّعليم المسيحيّ، أي في كشف كلّ قصد الله في شخصه، وجعل البشريّة في شركة معه.

ما معنى إسم “يسوع”؟

إسم “يسوع” الذي أعطاه ملاك البشارة، يعني “الله يخلّص”. وهو يعبّر عن هويّته ورسالته معًا، إذ “إنّه هو من يخلّص شعبه من خطاياهم” (متّى 21:1). وبطرس يؤكّد أن: ” ليس تحت السّماء إسم آخر به ينبغي أن نخلص” (أعمال الرّسل 12:4).

لماذا دُعي يسوع “المسيح”؟

المسيح” في اليونانيّة، و”الماسيّا” في العبرانيّة يعني “الممسوح“. يسوع هو المسيح لأنّ الرّبّ كرّسّه والرّوح القدس مسحه في سبيل رسالته الفدائيّة. هو الماسيّا الّذي ينتظره إسرائيل، والّذي أرسله الآب إلى العالم. لقد قبل يسوع هذا الّلقب، ولكنّه كشف بدقّة معناه: “الّذي نزل من السّماء” (يوحنّا 13:3)، المصلوب ثمّ القائم، وهو العبد المتألّم “الّذي يبذل نفسه فديةً عن كثيرين” (متّى 28:20). ومن اسم المسيح جاءت تسميتنا بالمسيحيّين.

بأيّ معنًى يسوع هو “ابن الله الوحيد”؟

إنّه لَكذلك بمعنًى وحيد وكامل. ففي المعموديّة والتّجلّي دعا صوت الآب يسوع “ابنه الحبيب”. ويسوع عندما أعلن عن نفسه أنّه الابن الّذي “يعرف الآب” (متّى 27:11) أكّد علاقته الوحيدة والأبديّة بالله أبيه. “إنّه ابن الله الوحيد” (يوحنّا الأولى 9:4)، الأقنوم الثّاني من الثّالوث الأقدس. إنّه مركز الكرازة الرّسوليّة: شاهد الرّسل “مجده، مجدًا من الآب لابنه الوحيد” (يوحنّا 14:1).

ماذا يعني لقب “ربّ”؟

يدلّ هذا الاسم عادة، في الكتاب المقدّس، على الله السّيّد. ويسوع نسبه إلى نفسه وأظهر سيادته الإلهيّة بهيمنته على الطّبيعة والشّياطين والخطيئة وعلى الموت، وخصوصًا بقيامته. واعترافات الإيمان المسيحيّة الأولى تُعلن أنّ السّلطة ولكرامة والمج الواجبة لله الآب واجبة أيضًا ليسوع الّذي “أنعم الله عليه بالاسم الّذي يفوق كلّ اسم” (فيليبّي 9:2). إنّه ربّ العالم والتّاريخ، والوحيد الّذي يجب على الإنسان أن يخضع له خضوعًا مطلقًا حرّيّته الشّخصيّة.

لماذا صار ابن الله إنسانًا؟

تجسّد ابن الله في حشا البتول مريم بفعل الرّوح القدس، من أجلنا نحن البشر وفي سبيل خلاصنا، أي لكي يصالحنا نحن البشر مع الله، ويجعلنا نعرف محبّته الّلامتناهية، ويكون لنا مثالًا في القداسة، ويصيّرنا “شركاء في الطّبيعة الإلهيّة” (بطرس الثانية 4:1).

ما معني التّجسّد؟

تدعو الكنيسة “تجسّدًا” سرّ الاتّحاد العجيب بين الطّبيعة الالهيّة والطّبيعة البشريّة في أقنوم (شخص) الكلمة الالهيّ الوحيد. ابن الله صار، ليتمّم خلاصنا، “جسدًا” (يوحنّا 14:1)، وصار إنسانًا حقًّا. الإيمان بالتّجسّد هو العلامة المميّزة للإيمان المسيحيّ.

كيف يسوع المسيح هو إله حقّ وإنسان حقّ؟

يسوع المسيح هو إله حقّ وإنسان حقّ، بلا انفصام، في وحدة الأقنوم (الشّخص) الإلهيّ. فابن الله، هو “المولود غير المخلوق، والواحد في الجوهر مع الآب” قد صار إنسانًا حقًّا، أخًا لنا، من غير أن يتوقّف مع ذلك عن أن يكون إلهًا وربًّا لنا.

ماذا يعلّم مجمع خلقيدونيا (451) في هذا الشّأن؟

يعلّم مجمع خلقيدونيا الاعتراف “بابن واحد هو هو، سيّدنا يسوع المسيح، الكامل في الّلاهوت والكامل في النّاسوت، هو هو إله حقّ وإنسان حقّ، المركّب من نفس عاقلة ومن جسد، الّذي جوهره جوهر الآب من حيث الّلاهوت، وجوهره جوهرنا من حيث النّاسوت، “يشبهنا في كلّ شيء ما عدا الخطيئة” (عبرانيين 15:4). “الّذي ولده الآب قبل جميع الدّهور من حيث الألوهة، وفي هذه الأيّام الأخيرة وُلد من مريم البتول، والدة الإله، من حيث النّاسوت لأجلنا ولأجل خلاصنا”.

كيف تعبّر الكنيسة عن سرّ التّجسّد؟

تعبّر عنه بتأكيدها أنّ يسوع المسيح هو إله حقّ وإنسان حقّ، بطبيعتَين إلهيّة وإنسانيّة، غير مختلطتَين بل متّحدتَين في أقنوم (شخص) الكلمة. بيد أنّ كلّ شيء – المعجزات والألم والموت – في ناسوت المسيح هي خاصّة شخصه الإلهيّ، الّذي يعمل بالطّبيعة البشريّة الّتي اتّخذها.

هل كان لله المتجسّد نفس مع معرفة بشريّة؟

اتّخذ ابن الله جسدًا تحييه نفس إنسانيّة عاقلة. وتعلّم يسوع بعقله البشريّ كثيرًا بالاختبار. ولكنّ ابن الله، في الوقت عينه، كان يعرف كإنسان معرفة حميمة ومباشرة مع الله الآب. وكان ينفذ إلى أفكار البشر الخفيّة ويتمتّع تمتّعًا كاملًا بِعِلْم المقاصد الأزليّة الّتي جاء لَيكشف عنها.

كيف تتّفق إرادتا الكلمة المتجسّد؟

للمسيح إرادة إلهيّة وإرادة بشريّة. وابن الله، في حياته على الأرض، أراد بشريًّا ما كان أقرّه إلهيًّا، لأجل خلاصنا، مع الآب والرّوح القدس. إنّ إرادة المسيح البشريّة تتبع إرادته الإلهيّة بدون ان تكون معيقة ولا معارضة لها، بل بالحريّ بخضوعها لها.

هل كان للمسيح جسد حقيقيّ؟

لقد اتّخذ المسيح جسدًا بشريًّا حقًّا به صار الله غير المنظور منظورًا. ولذلك صار بالإمكان “رسمُ” المسيح وإجلاله باستعماله صور مقدّسة.

ماذا يمثّل قلب يسوع؟

لقد عرَفَنا يسوع وأحبّنا بقلبٍ بشريّ. وقلبه المطعون بالحربة لأجل خلاصنا هو رمز محبّته الّلامتناهية الّتي أحبّ بها الآبَ وجميع البشر.

“كان الحبل به من الرّوح القدس…” ماذا يعني هذا التّعبير؟

إنّه يعني أنّ البتول مريم قد حبلت في حشاها بابن الله الأزليّ بفعل الرّوح القدس، بدون مشاركة رجل: “الرّوح القدس يأتي عليك” (لوقا 35:1)، هذا ما قاله لها المللاك في البشارة.

“وُلد من البتول مريم”. لماذا مريم هي حقًّا والدة الله؟

مريم هي حقًّا والدة الله لأنّها والدة يسوع (راجع يوحنّا 1:2، 25:19). فالّذي حُبل به بفعل الرّوح اقدس، والّذي صار حقًّا ابنها هو ابن الآب الأزليّ. إنّه هو نفسُه الله.

ماذا يعني “الحبل بلا دنس”؟

اختار الله مريم منذ الأزل، بطريقةٍ مجّانيّة، لتكون أمّ ابنه. ولكي تقوم بهذه الرّسالة كانت نقيّة منذ الحبل بها. وهذا يعني أنّ مريم قد صِينَتْ من الخطيئة الأصليّة منذ الحبل بها، بنعمة الله، ونظرًا إلى استحقاقات يسوع المسيح.

كيف تُسهم مريم في قصد الله الخلاصيّ؟

بقيت مريم، بنعمة الله، معصومة من كلّ خطيئة شخصيّة، طول حياتها. فهي “ممتلئة نعمة” (لوقا 28:1)، “الكليّة القداسة”. وعندما بشّرها الملاك بأنّها ستلد “ابن الله العليّ” (لوقا 32:1)، أعطَت بحرّيّة موافقتها في “طاعة الإيمان” (روما 5:1). وبذلَت مريم ذاتها كلّيًّا لشخص ابنها يسوع وعمله، مُعتنقة بكلّ نفسها الإرادة الإلهيّة الخلاصيّة.

ماذا يعني الحبل البتوليّ بيسوع؟

إنّه يعني أنّ يسوع قد حُبِل به في حشا البتول بقوّة الرّوح القدس وحدها، بدون زرع رجل. فهو ابن الآب السّماويّ بحسب طبيعته البشريّة، ولكنّه ابن الله حقًّا في طبيعته، وهو في ذاته شخص واحد هو إلهيّ.

بأيّ معنًى مريم هي “دائمة البتوليّة”؟

بمعنى أنّها “لبثت بتولًا في الحبل بابنها، وبتولًا في ولادتها له، وبتولًا في حملها له، وبتولًا في إرضاعه، بتولًا أمًّا، بتولًا أبدًا” (القدّيس أوغسطينوس). وعندما تذكر الأناجيل “إخوة يسوع وأخواته” فالمقصود الكلام على أقرباء ليسوع أدنَين، وفقًا لتعبيرٍ معهودٍ في العهد القديم.

بأيّ معنًى أمومة مريم الرّوحيّة تشمل جميع البشر؟

لمريم ابن وحيد، يسوع، ولكنّ أمومتها الرّوحيّة تمتدّ فيه إلى جميع البشر الّذين جاء لخلاصهم. فالبتول، بطاعتها إلى جانب آدم الجديد الّذي هو يسوع المسيح هي حواءالجديدة، أمّ الأحياء الحقيقيّة، الّتي تُسهم بحبّها الأموميّ في ولادتهم ونموّهم في نظام النّعمة. مريم، البتول والأمّ، هي صورة الكنيسة وأكمل تحقيق لها.

بأيّ معنًى حياة المسيح كلّها سرّ؟

حياة المسيح كلُّها حَدَثُ وحيٍ. وما هو منظور في حياة المسيح الأرضيّة يقود إلى سرّه غير المنظور، خصوصًا إلى سرّ بنوّته الإلهيّة. “مَن يرني يرَ الآب” (يوحنّا 9:14). من جهةٍ أخرى، وإن كان الخلاص قد تحقّق تمامًا بالصّليب والقيامة، فحياة المسيح كلّها سرُّ خلاص، لأنّ كلّ ما عمله يسوع، وقالَه، وما تألّمَه، كان هدفَه تخليص الإنسان السّاقط وإعادته إلى دعوته ابنًا لله.

ماذا كانت التّهيّئات لأسرار المسيح؟

قبل كلّ شيء، كان هناك، على مدى قرونٍ كثيرة، رجاءٌ طويل نحياه من جديد في الاحتفال الّليترجيّ المُعِدّ للميلاد (المجيء). وإضافة إلى التّرقّب الغامض الّذي أوجده الله في قلوب الوثنيّين، فإنّه هيّأ مجيء ابنه في أثناء العهد القديم حتّى يوحنّا المعمدان الّذي هو آخر الأنبياء وأعظمهم.

ماذا يعلّم الإنجيل في شأن أسرار ميلاد المسيح وحداثته؟

في الميلاد يتبيّن مجد السّماء في ضعف مولودٍ جديد. ختان يسوع هو علامة انتمائه إلى الشّعب اليهوديّ، وصورة مسبّقة لمعموديّتنا. والظّهور هو ظهور الملك- ماسيّا إسرائيل لجميع الأمم. والتّقدمة إلى الهيكل، مع سمعان وحنّة، هي ترقّب إسرائيل كلّه الآتي للقاء مخلّصه. والهرب إلى مصر وقتل الأبرياء يعلنان أنّ حياة المسيح كلّها ستكون تحت غلامة الاضطهاد. وعودته من مصر تذكّر بالخروج [من مصر] وتقدّم يسوع بمثابة موسى الجديد: إنّه المحرّر الحقيقيّ والنّهائيّ.

ماذا تعلّمنا حياة يسوع الخفيّة؟

يبقى يسوع، مدّة حياته الخفيّة في النّاصرة، في صمت وجودٍ عاديّ. ويتيح لنا هكذا أن نكون في شركة معه في قداسة حياة يوميّة، قائمة على الصّلاة والبساطة والعمل والمحبّة العيليّة. وخضوعه لمريم ويوسف أبيه الشّرعيّ، هو صورة لخضوعه البنويّ للآب. ومريمم ويوسف، تقبّلا بالإيمان سرّ يسوع وإن لم يفهماه دائمًا.

لماذا تلقّى يسوع من يوحنّا “معموديّة التّوية لمغفرة الخطايا” (لو 3:3)؟

إنّ يسوع، وهو يفتتح حياتَه العلنيّة ولكي يستبق معموديّة موته، قَبِلَ هكذا، وهو الّذي بلا خطيئة، بأن يُعَدّ بين الخطأة، هو “حمل الله الّذي يرفع خطية العالم” (يوحنّا 29:1). أعلنه الآب “ابنه الوحيد” (متّى 17:3)، والرّوح نزل عليه. معموديّة يسوع هي صورة مُسَبّقة لمعموديّتنا.

ماذا تُظهر لنا تجارب يسوع في البرّيّة؟

تجارب يسوع في البرّيّة تلخّص تجربة آدم في الفردوس وتجارب إسرائيل في البرّيّة. يجرّب الشّيطان يسوع في طاعته للرّسالة الّتي وكّلها الله إليه. فصمد المسيح، آدم الجديد. وانتصاره يعلن انتصار الآلام، [الّتي تمثّل] خضوع محبّته البنويّة المطلق للآب. والكنيسة تتّحد بهذا السّرّ على الخصوص في زمن الصّوم الّليترجي.

مَن هو المدعوّ إلى الدخول في ملكوت الله الّذي أعلنه يسوع وأتمّه؟

يدعو يسوع جميع البشر إلى الدّخول في ملكوت الله. حتّى أسوأالخطأة هو مدعوّ إلى التّوبة وقبول رحمة الله الّلامتناهية. وهنا، على الأرض، يكون الملكوت للّذين يقبلونه بقلبٍ متواضع. ولهم يُكشف عن أسراره.

لماذا يُظهر المسيح الملكوت بعلامات ومعجزات؟

يسوع يَصحب أقواله بعلامات ومعجزات ليثبّت أنّ الملككوت حاضر فيه، هو الماسيّا. وإن شفى بعض الأشخاص، فهو لم يأتِ ليزيل جميع الشّرور على الأرض، بل قبل كلّ شيء، ليحرّر البشر من عبوديّة الخطيئة. ومحاربته الشّياطين تعلن أنّ صليبه سينتصر على “رئيس هذا العالم” (يوحنّا 31:12).

ما هو السّلطان الّذي يعطيه المسيح لرسله في الملكوت؟

اختار يسوع الاثني عشر، الّذين سيكونون شهود قيامته. إنّه يُشركهم في رسالته وفي سلطانه لكي يعلّموا، ويغفروا الخطايا، ويبنوا ويسوسوا الكنيسة. في هذه الجماعة، يتسلّم بطرس “مفاتيح الملكوت” (متّى 19:16) ويكون له المحلّ الأوّل، مع رسالة المحافظة على سلامة الإيمان، وتثبي إخوته.

ما هو مدلول التّجلّي؟

قبل كلّ شيء يظهر الثّالوث في التّجلّي: “الآب في الصّوت، والابن في إنسانيّته، والرّوح في الغمامة المضيئة” (القدّيس توما الأكوينيّ). وعندما تحدّث يسوع، مع موسى وإيليّا عن “انتقاله” (لوقا 31:9) أظهر أنّ مجده يمرّ بالصّليب؛ وهو يستبق قيامته ورجوعه في المجد الّذي “سيحوّل جسد هواننا إلى جسد على صورة جسد مجده” (فيليبي 21:3).

كيف يجري دخول يسوع الماسيّا إلى أورشليم؟

قرّر يسوع أن يصعد إلى أورشليم في الوقت المحدّد، ليعاني آلامه، ويموت ويقوم. ودخل إلى المدينة، بمثابة ملك- ماسيّا يُظهر مجيء الملكوت، راكبًا على جحش (زكريّا 9:9). واستقبله الأطفال بهتاف تردّده الكنيسة في “قدّوس” الّليترجيّا الإفخارستيّة: “مبارك الآتي باسم الرّبّ، هوشعنا” (خلّصنا) (متّى 9:21). وتفتتح ليترجيّا الكنيسة الأسبوع المقدّس، بالاحتفال بهذا الدّخول إلى أورشليم.

ما هي أهمّيّة سرّ يسوع الفصحيّ؟

سرّ يسوع الفصحيّ، الّذي يشمل آلامه، وموته، وقيامته، وتمجيده، هو في قلب الإيمان المسيحيّ. فقصْد الله الخلاصيّ قد تمّ مرّة واحدة، بموت ابنه يسوع المسيح الفدائيّ.

ما هي الاتّهامات الّتي حُكم على يسوع بموجبها؟

اتّهم بعض رؤساء إسرائيل يسوع بمخالفة الشّريعة، وأنّه ضدّ هيكل أورشليم وخصوصًا ضدّ الإيمان بالله الواحد، إذ أعلن نفسه ابن الله. ولذلك سلّموه إلى بيلاطس حتّى يُقضى عليه بالموت.

ماذا كان موقف يسوع من ناموس موسى؟

لم ينقضْ يسوع الشّريعة الّتي أعطاها الله لموسى على جبل سيناء، بل أتمّها بإعطاء تفسيرَها النّهائيّ. فهو المشترع الإلهيّ الّذي قام بالشّريعة قيامًا كاملًا. ومن جهة أخرى، قدّم بموته التّكفيريّ، بمثابة خادم أمين، الذّبيحة الوحيدة القادرة على افتداء “المعاصي الّتي اقترفها البشر في العهد الأوّل” (عبرانيّين 15:9).

ماذا كان موقف يسوع من هيكل أورشليم؟

اتُّهم يسوع بمعاداة الهيكل. ولكنّه أجلّه بمثابة “بيت أبيه” (حيوحنّا 16:2). وخصّه بقسم مهمّ من تعليمه. إلّا أنّه تنبّأ بهدمه، في علاقة مع موته الخاصّ. وقدّم ذاتَه على أنّه مسكن الله النّهائيّ بين البشر.

هل ناقض يسوع إيمان إسرائيل بالله الواحد والمخلّص؟

لم يُناقض يسوع قطّ الإيمان بالله الواحد، حتّى عندما كان يتمّ العهد الإلهيّ بامتياز الّذي يحقّق الوعود الماسيانيّة ويوحي به أنّه مساوٍ لله، وهو: غفران الخطايا. وطلبُ يسوع الإيمان به والتّوبة يمكّن من إدراك عدم فهم المحفل اليهوديّ (السنهدرين) الّذي حكم بأنّه يستحقّ الموت بعلّة التّجديف.

مَن هو المسؤول عن موت يسوع؟

لا يُمكن إسناد آلآم يسوع وموته في غير تمييز لا إلى جميع اليهود الّذين عاشوا آنذاك ولا إلى اليهود الّذين جاءوا من بعد في الزّمان والمكان. كلّ خاطئ بمفرده، أيّ كلّ إنسان، هو في الحقيقة سبب ووسيلة آلآم الفادي. وتُعزى المسؤوليّة الأشدّ خطورة إلى مَن يسقطون مرارًا في الخطيئة ويُسَرّون في الرّذائل، بالأخصّ إذا كانوا مسيحيّين.

لماذا موت المسيح هو من التّصميم الإلهيّ؟

إنّ الله، لكي يصالح في ابنه جميع البشر المحكوم عليهم بالموت بسبب الخطيئة، قد اتّخذ مبادرة ملؤها المحبّة، فأرسل ابنه لكي يخضع للموت لأجل الخطأة. وموت المسيح، الّذي أنبأ به العهد القديم، خصوصًا بمثابة ذبيحة العبد المتألّم، قد جرى “بحسب الكتب المقدّسة”.

كيف قدّم المسيح ذاتَه للآب؟

حياة المسيح كلّها تقدمة حرّة للآب لإتمامه قصده الخلاصيّ. فبذل حياتَه “فداءً عن الكثيرين” (مرقس 45:10). وبذلك صالح البشريّة كلّها مع الله. آلآمه وموته يبيّنان أنّ بشريّته الخاصّة كانت الأداة الحرّة والكاملة للمحبّة الإلهيّة الّتي تريد خلاص جميع البشر.

كيف تعبّر تقدمة يسوع في العشاء الأخير عن ذاتها؟

لقد استبق يسوع، أي عنى وحقّق من قَبْل، في العشاء الأخير الّذي تناوله مع رسله، في عشيّة آلآمه، تقدمة ذاته الاختياريّة: “هذا هو جسدي الّذي يُبذل لأجلكم” (لوقا 19:22)، “هذا هو دمي الّذي يُهراق…” (متّى 28:26). وهكذا أنشأ في الوقت عينه الإفخارستيّا بمثابة “ذكرى” (راجع كورنتس الأولى 25:11) ذبيحته، وجعل رسله كهنة العهد الجديد.

ماذا جرى في حين النّزاع في بستان جتْسماني؟

على رغم ما يُمثّله هول الموت، في الطّبيعة البشريّة الكلّيّة القداسة، لمَن هو “سيّد الحياة” (سفر الأعمال 15:3)، ما برحت إرادة ابن الله البشريّة متّحدة بإرادة الآب: وقَبِل يسوع، لأجل خلاصنا، أن يحمل خطايانا في جسده و”صار طائعًا حتّى الموت” (فيليبي 8:2).

ما هي مفاعيل ذبيحة المسيح على الصّليب؟

قدّم المسيح باختياره حياتَه ذبيحة تكفير، أي إنّه عوّض عن آثامنا بملء طاعة محبّته حتّى الموت. وهذا “الحبّ حتّى الحدّ الأقصى” (يوحنّا 1:13)، حبّ ابن الله، يصالح البشريّة جمعاء مع الآب. وبالتّالي فذبيحة المسيح الفصحيّة تفتدي جميع البشر فداء فريدًا وكاملًا ونهائيًّا، وتفتح لهم المشاركة مع الله.

لماذا يدعو يسوع تلاميذه إلى حمل صليبهم؟

يريد يسوع، بدعوة تلاميذه إلى حمل صليبهم، أن يشرك في ذبيحته الفدائيّة أولئك أنفسهم الّذين كانوا المستفيدين الأوّلين منها.

كيف كانت حالة جسد يسوع عندما كان في القبر؟

لقد مات المسيح موتًا حقيقيًّا ودُفن دفنًا حقيقيًّا. ولكنّ القدرة الإلهيّة حفظت جسده من الفساد.

ما هو “الجحيم” الّذي انحدر إليه يسوع؟

كان “الجحيم” – المختلف عن جهنّم الهلاك – هو حالة جميع مَن ماتوا قبل المسيح، سواء كانوا أبرارًا أو أشرارًا. ويسوع لاقى في الجحيم الأبرار المنتظرين فاديهم لكي يستطيعوا أخيرًا بلوغ رؤية الله. وبعد أن غلب بموته الموت وإبليس الّذي له “سلطان الموت” (عبرانيّين 14:2)، حرّر الأبرار المنتظرين الفادي وفتح لهم أبواب السّماء.

ما هو محلّ قيامة المسيح في إيماننا؟

القيامة هي الحقيقة القمّة في إيماننا بالمسيح. وهي، مع الصّليب، جزء جوهريّ من سرّ الفصح.

ما هي “العلامات” الّتي تثبّت قيامة المسيح؟

ما عدا العلامة الجوهريّة الّتي هي القبر الخالي، تثبّت قيامة يسوع النّساء الّلواتي كنّ أوّل مَن لاقاه وبشّر به الرّسل. “وتراءى يسوع من بعد لكيفا (بطرس)، ثمّ للاثني عشر. ثمّ تراءى لأكثر من خمس مئة أخ معًا” (كورنتس الأولى 15: 5-6) ولآخرين أيضًا. لم يكن في استطاعة الرّسل اختلاف القيامة لأنّها كانت تبدو لهم مستحيلة. فيسوع قد لامهم أيضًا على عدم إيمانهم.

لماذا قيامة المسيح هي أيضًا حدثٌ سامٍ؟

إنّ القيامة، على كونها حدثًا تاريخيًّا في الإمكان ملاحظته، وحدثًا تثبّته العلامات والشّهادات. فهي، بكونها مدخل ناسوت المسيح في مجد الله متعالية على التّاريخ بمثابة سرّ الإيمان. ولهذا السّبب لم يتراءَ المسيح القائم للعالم، بل لتلاميذه، وجعلهم شهودًا أمام الشّعب.

ما هي حالة جسد يسوع القائم من الموت؟

قيامة المسيح ليست عودة إلى الحياة الأرضيّة. وجسد يسوع القائم من الموت هو الّذي صُلب والّذي يحمل علامات آلامه. إلّا أنّه يشارك، منذ الآن فصاعدًا، في الحياة الإلهيّة، مع خصائص جسد ممجّد. ولهذا السّبب يسوع القائم من الموت مطلق الحرّيّة في أن يظهر لتلاميذه كما يشاء، وحيثما يشاء، وفي هيئات متنوّعة.

كيف تكون القيامة عمل الثّالوث الأقدس؟

قيامة المسيح هي عمل إلهيّ سامٍ. والأقانيم الثّلاثة يعملون معًا بحسب ميزاتهم الخاصّة. الآب يُظهر قدرتَه، والابن “يستعيد” الحياة الّتي بذلها باختياره (يوحنّا 17:10)، جامعًا نفسه وجسده الّلذَين يحييهما ويمجّدهما الرّوح القدس.

ما هو معنى القيامة ومدلولها الخلاصيّ؟

القيامة هي قمّة التّجسّد. وهي تُثبّت ألوهة المسيح، وكلّ ما عمل وعلّم. وهي تتمّم المواعيد الإلهيّة لمصلحتنا. بل إنّ القائم من بين الأموات، منتصرًا على الخطيئة والموت، هو مبدأ تبريرنا وقيامتنا. وهي تمنحنا منذ الآن نعمة التّبنّي الّذي هو اشتراك حقيقيّ في حياة الابن الوحيد الّذي سيقيم جسدَنا في آخر الأزمنة.

ما هو الصّعود؟

بعد الأربعين يومًا الّتي تراءى فيها المسيح لرسله في هيئة إنسانيّة عاديّة تَستُر مجدَه بكونه قائمًا من بين الأموات، صعد إلى السّماء، وجلس إلى يمين الآب. وهو الرّبّ الّذي يملك من الآن فصاعدًا، مع إنسانيّته، في مجد ابن الله الأبديّ، والّذي لا يكفّ عن الشّفاعة فينا عند الآب. إنّه يُرسل روحَه ويمنحنا رجاء ملاقاته يومًا حيث أعدّ لنا مكانًا.

كيف الرّبّ يسوع يملك اليوم؟

إنّ المسيح الممجّد، ربّ العالم والتّاريخ، ورأس كنيسته، يبقى بشكلٍ غامض على الأرض حيث ملكوته حاضرٌ نواةً وبدءًا في الكنيسة. وسيعود يومًا في المجد ولكنّنا لا نعرف السّاعة الّتي يتمّ فيها ذلك. لهذا السّبب نحيا مُتيقّظين في الصّلاة: “تعال يا ربّ” (رؤيا يوحنّا 20:22).

كيف سيتمّ مجيء الرّبّ في المجد؟

بعد الزّلزال الكونيّ الأخير لهذا العالم العابر، تأتي عودة المسيح المجيدة مع انتصار الله النّهائيّ، في مجيء المسيح، ومع الدّينونة الأخيرة. وهكذا يتحقّق ملكوت الله.

كيف يقاضي المسيح الأحياء والأموات؟

سيدين المسيح بالقدرة الّتي اكتسبها، بوصفه فادي العالم، الآتي لخلاص البشر. فتُكشف أسرار القلوب، وكذلك سلوك كلّ واحد تجاه الله وتجاه القريب. فينال كلّ إنسان الحياة، أو يُقضى عليه إلى الأبد بحسب أعماله. وهكذا يتحقّق “ملء اكتمال المسيح” (أفسس 13:4)، يكون فيه “الله كلًّا في الكلّ” (كورنتس الأولى 28:15).