ما هي وصية الله الخامسة؟

لا تقتل

 

لماذا يجب احترام الحياة البشريّة؟

لأنّ حياة الإنسان مقدّسة. فهي منذ الأصل اقتضت عمل الله في الخلق، وهي تبقى أبدًا على علاقة خاصّة بالخالق، غايتها الوحيدة. وليس لأحد أن يدمّر مباشرة كائنًا بشريًّا بريئًا، لأنّ ذلك يتعارض بوجه خطير وكرامة الشّخص البشريّ وقداسة الخالق: “البريء والبارّ لا تقتلهما” (خروج 7:23).

لماذا لا يناقض الدفاع المشروع عن الأشخاص وعن المجتمع هذه القاعدة المطلقة؟

بالدّفاع المشروع يُختار الدّفاع عن النّفس وتعزيز الحقّ في الحياة، الخاصّة بالشّخص أو بآخرين، ولا يُختار القتل. ومَن يحمل المسؤوليّة عن حياة الآخرين، قد يكون الدّفاعُ المشروعُ أيضًا واجبًا خطيرًا عليه. إلّا أنّ ذلك يقضي بأن لا يُستعمل من العنف ما يزيد على الضّروريّ.

ما الفائدة من العقوبة؟

إنّ العقوبة الّتي تفرضها السّلطة الشّرعيّة هدفها التّعويض عن الإساءة النّاتجة من الذّنب، والمحافظة على النّظام العامّ وعلى أمن الأشخاص، والمساهمة في إصلاح المُذنب.

ما هي العقوبة الّتي يمكن إنزالها؟

يجب أن تتناسب العقوبة وجسامة الذّنب. واليوم، بفضل القدرات الّتي تملكها الدولة على قمع الإجرام بجعل مرتكبه عاجزًا عن الإساءة، فحالة الضرورة المُطلقة لعقوبات الموت “هي من الآن فصاعدًا نادرة جدًّا، إن لم نقُل لا وجود لها البتّة في الواقع” (إنجيل الحياة). عندما تكون الوسائل غير الدمويّة كافية، فعلى الدّولة أن تكتفي بها، لأنّها تتناسب بوجهٍ أفضل وأوضاع الخير العامّ الواقعيّة، وتتوافق أكثر وكرامة الشّخص البشريّ، ولا تنزع نهائيًّا من المجرم إمكانيّة التوبة.

عمَّ تنهى الوصيّة الخامسة؟

تنهى الوصيّة الخامسة، عن الأمور الآتية بكونها مناقضة بوجهٍ خطير للشّريعة الأخلاقيّة:

القتل المُباشر وعن عمد، والمشاركة فيه؛

والإجهاض المُباشر، كغاية أو وسيلة، والمشاركة في هذا الفعل، مع عُقوبة الحُرم، بما أنّه من الواجب الدفاع عن الشّخص البشريّ وحمايته على وجه مطلقفي سلامة كيانه؛

والقتل الرّحيم (الأوتانازيا) المباشر الّذي يقوم على وضع حدّ، بفعل أو بإهمال فعل مطلوب، لحياة أشخاص مُعَوَّقين أو مرضى أو مُشرفين على الموت؛

والانتحار، والمساعدة الإراديّة فيه لأنّه إهانة جسيمة لمحبّة الله، ومحبّة الذّات ومحبّة القريب على وجه صحيح. أمّا المسؤوليّة فقد تتفاقم بسبب المعثرة أو تتناقض بسبب اضطرابات نفسيّة خاصّة أو خوف شديد.

ما هي الإجراءات الطّبيّة القبولة حين يُرى الموت داهمًا؟

المساعدات الواجبة عادة لشخصٍ مريض لا يُمكن التّوقّف عن إعطائها بوجه شرعيّ. ولكن من المشروع الّلجوء إلى مُسكّنات ليس من غايتها الموت، وكذلك التّوقّف عن “التعنّت العلاجيّ” أي استعمال إجراءات طبيّة غير مُتكافئة ولا تتناسب وحسن العاقبة.

لماذا على المُجتمع أن يحافظ على كلّ جنين؟

الحقّ في الحياة لكلّ فرد بشريّ، منذ الحبل به، وهو حقّ لا يُمكن التّتازل عنه، عنصر مُكوّن للمجتمع المدنيّ وتشريعه. وعندما لا تضع الدولة قوّتها في خدمة حقوق الجميع، ولا سيّما الأضعف بينهم، ومنهم الأولاد الّذين حُبل بهم ولم يولدوا بعد، تصبح أركان دولة الحقّ ذاتها مُهدّدة.

كيف تُتجنَّب المعثرة؟

لا بدّ من تجنّب المعثرة الّتي تقوم على حمل الآخر على فعل الشّرّ، باحترام نفس الشّخص البشريّ وجسده. والمعثرة تكون ذنبًا جسيمًا إذا جرّت الآخر عمدًا إلى ارتكاب ذنب جسيم.

ما هي واجباتنا تجاه الجسد؟

لا بدّ من الاعتناء، على وجه معقول، بالصّحة الطّبيعيّة، صحّتنا وصحّة الآخرين، يتجنّب عبادة الجسد وكلّ أنواع الإفراط. ويجب أيضًا تجنّب استعمال المخدّرات الّتي تُنزل بالصّحة والحياة البشريّة أذىً كبيرًا، وكذلك سؤء استعمال الطّعام، والكحول، والتّبغ، والأدوية.

متى تكون مشروعة أخلاقيًّا الاختبارات العلميّة، الطبيّة والنّفسيّة، على الأفراد والجماعات البشريّة؟

هي مشروعة إذا كلنت في خدمة كمال خير الشّخص والمجتمع، بدون تعريض لأخطار غير متناسبة على حياة الأفراد وسلامتهم الطبيعيّة والنّفسيّة. ولا بدّ من أن يكون هؤلاء مطّلعين وراضين من قبْل.

هل يجوز أخذ الأعضاء ونقلها قبل الموت وبعده؟

أخذُ الأعضاء سائغٌ أخلاقيًّا بموافقة المعطي وبدون أخطار جسيمة عليه. ولكي يتحقّق العمل النّبيل بإعطاء الأعضاء بعد الموت، لا بدّ من التّثبيت تمامًا من حقيقة موت المعطي.

ما هي الممارسات المناقضة لاحترام سلامة جسد الشّخص البشريّ؟

هي خطف الأشخاص وأخذهم رهائن، والإرهاب، والتّعذيب، واستخدام العنف، والتّعقيم المباشر. البتر والتّشويه للأشخاص لا تُقبل أخلاقيًّا إلّا لأهداف علاجيّة للشّخص نفسه.

كيف يُعنى بالأموات؟

للمشرفين على الموت الحقّ في أن يعيشوا في كرامةٍ أوقاتًهم الأخيرة على الأرض، تُعاونهمُ الصّلاة والأسرار الّتي تُهيّئهم لملاقاة الإله الحيّ.

كيف يجب معاملة أجساد الموتى؟

يجب معاملة أجساد الموتى باحترام ومحبّة. ويجوز حرق الجثث إذا لم يكن في ذلك تعبير عن إنكار الإيمان بقيامة الأجساد.

ما يطلبُ الرّبّ من كلّ شخص في شأن السّلام؟

إنّ الرّبّ الّذي أعلن قائلًا: “طوبى لصانعي السّلام” (متّى 9:5)، يطلب سلام القلب ويُنكر ما في الغضب، الّذي هو رغبة في الثّأر لأذيّة وقعت، وفي البغض الّذي يحمل على اشتهاء الشّرّ للقريب، من تعارض مع الأخلاق الحميدة. وهذه المُمارسات، إذا كانت إراديّة وتتمُّ عن رضًى في موادّ كبيرة الأهمّيّة، هي خطايا جسيمة تتعارض مع المحبّة.

ما هو السّلام في العالم؟

السّلام في العالم، المطلوب لاحترام الحياة البشريّة ونموّها، ليس غيابَ الحرب فقط أو توازنَ القوى المتخاصمة؛ إنّ “سكينة النّظام” (القدّيس أوغسطينوس)، و”ثمرة العدالة” (أشعيا 17:32) ونتيجة المحبّة. والسّلام الأرضيّ هو صورة وثمرة لسلام المسيح.

ماذا يتطلّب السّلام في العالم؟

يقتضي السّلام في العالم التّوزيع العادل والحفاظ على خيور الأشخاص، والتّواصل الحرّ بين الكائنات البشريّة، واحترام كرامة الأشخاص والشّعوب، والمواظبة على ممارسة العدالة والأخوّة.

متى يُمكن القبول أخلاقيًّا باستعمال القوّة العسكريّة؟

الّلجوء إلى القوّة العسكريّة مشروع أخلاقيًّا إذا وجدت معًا الشّروط الآتية: أن يكون الأذى جسيمًا وخطيرًا وأكيدًا، وأن يتأكّد عدم فاعليّة أيّ حلّ سلميّ، وأن تتوفّر شروط جدّيّة للنجاح، وأن لا تكون الشّرور النّاتجة أكبر، نظرًا إلى ما لوسائل الدمار الحديثة من قوّة.

لمَن يعود تقدير وجود هذه الشّروط في حالة التّهديد بالحرب، بطريقة صارمة؟

ذلك يعود إلى حكم مَن يضطلعون بالسّلطة وفطنتهم، ويعود لهم أيضًا الحقّ بأن يفرضوا على المواطنين واجب الدفاع عن الوطن، مع المحافظة على الحقّ الشّخصيّ بالاعتراض الضميريّ، مع بقاء التزام هؤلاء بخدمة الجماعة البشريّة بأشكال أخرى.

ماذا تتطلّب الشّريعة الأخلاقيّة في حالة الحرب؟

يستمرّ قيام الشّريعة الأخلاقيّة حتّى إبّان الحرب. وهي تقتضي معاملة غير المقاتلين، معاملة إنسانيّة، وكذلك الجنود الجرحى والأسرى. إنّ الأعمال المتعارضة عن عمد مع القانون الدوليّ العامّ، والأوامر الّتي توعز بها هي جرائم. ولا تكفي الطّاعة العمياء لعذر مَن يخضعون لها. ويجب أن يُدان تدمير مدن بكاملها والإبادة الجماعيّة لشعب أو لأقلّيّة إثنيّة. إنّها خطايا جسيمة جدًّا، والواجب الأخلاقيّ يُلزم بمقاومة أوامر مَن يوعزون بها.

ماذا يجب فعله لتجنّب الحرب؟

لا بدّ من فعل كلّ ما هو ممكن ومعقول لتجنّب الحرب بأيّ ثمن، نظرًا إلى ما تُنتجه من شرور ومظالم. ويجب، بنوعٍ خاصّ، تجنّب تكديس الأسلحة، والمتاجرة بها ما لم تنظّم ذلك السّلطات الشّرعيّة؛ وتجنّب المظالم خصوصًا الاقتصاديّة والاجتماعيّة، والتّفريقات العنصريّة والدّينيّة، والحسد وانعدام الثّقة، والكبرياء وروح الثّأر. وكلّ ما يُعمل للتّغلّب على هذه المساوئ وغيرها أيضًا يُسهم في بناء السّلام وتجنّب الحرب.