ما هي عقائد كينيث هاغن؟

 

I- ما هي عقائد كينيث هاغن؟

1- مفهوم الإيمان

إن مفهوم الإيمان عند كينيث هاغن وتيار كلمة الإيمان يختلف كثيراًعن مفهوم الكنيسة والتعليم الصحيح.
بالنسبة إليهم، الإيمان هو مادة نستطيع التلاعب بها. الإيمان هو مادة ملموسة تقاس مثل الكهرباء. لذلك يفهمون “إيمانك خلصك” انها قوة الإيمان التي هي مادة موجودة في داخلي هي التي خلّصتني، يعني الإيمان هو المخلّص وهذه هرطقة تعزّز في الإنسان الفريسية والكبرياء والغرور. بالنسبة الى التعليم الصحيح، الإيمان ليس مادة ملموسة وإنما هو ثقة بالله أن من بعد أن أغلقت الأبواب في وجهي ألتجئ الى الله مع توقع مليء بالأمل أن يحقق الله وعده وهنا المخلص هو يسوع. هذا فيه تواضع وطاعة.
إليكم هذا الحديث بين كينيث كوبلاند وبول كراوتش وجين كراوتش:

(كينيث كوبلاند): – “قوة الإيمان موجودة في العالم الروحي، مثل بعض القوى في العالم الطبيعي. إنها قوة روحية كما أن الجاذبية قوة طبيعية، الكهرباء قوة طبيعية.”
(بول كراوتش): – “إنها قوة طبيعية تقاس.”
(كينيث كوبلاند): – “إنها قوة طبيعية تقاس. إنها ملموسة. الإيمان هو قوة روحية، إنه قوة ملموسة، إنه قوة غير مرئية وكذلك الجاذبية ولكنها هنا.”
(بول كراوتش): – “كذلك الكهرباء. هل يستعمل الله الإيمان؟”.
(كينيث كوبلاند): – “بالتأكيد”.
(بول كراوتش): – “هذا هو موضع الإلتهاب. هناك من يقول.”
(جين كراوتش): – “ليس معه.”
(بول كراوتش): – “ليس معك.”
(جين كراوتش): – “ليس مع الله.”
(كينيث كوبلاند): – في الواقع، لا، لست غاضباً من الله أبداً ولست أعتقد أنه غاضب مني. لم أفعل شيئاً له.
(بول كراوتش): – “الإنتقادات تقول إن الله هو الله، لا يحتاج لأن يكون لديه إيمان. لا يمارس الإيمان. لا يستعمل الإيمان. إنه الله. إنه موضوع الإيمان.”
(كينيث كوبلاند): – “تمهّل قليلاً. ماذا يعني ذلك؟ موضوع الإيمان؟ لا أعرف ماذا يعني ذلك.”
(جين كراوتش): – “ولا أنا أيضاً.”[1]

إذا هناك أمران يستوقفاننا من هذا الحديث:
1- بالنسبة الى تيار “كلمة الإيمان”، الإيمان هو مادة Substance ملموسة تقاس مثل الكهرباء. ولكن من أين أتت هذه الفكرة؟ قرأ كينيث هاغن عبرانيين 11 : 1، في طبعة كينغ جايمس للكتاب المقدس وهو كتاب صدر سنة 1611 أي قبل 400 سنة، أن الإيمان هو Substance:”فالإيمان قوام (Substance) الأمور التي ترجى وبرهان الحقائق التي لا ترى”. كانت كلمة substance مفهومة أنها تعني الثقة ولكن مع تطور اللغة الإنكليزية، أصبحت تفهم مادة. إن أصل هذه الكلمة باليونانية hupostasis التي تعني حرفياً to stand under اي قوام أو أساس. إذا “مار بولس لم يقصد أن يعطي تعريف للإيمان، إنما حاول تأمين وصف عملي للإيمان للمسيحيين المتواجدين في أورشليم تساعدهم في الوضع الذي يواجهونه. العبرانيون المسيحيون احتاجوا الى إيمان يستطيع الصمود أمام الضغوطات والاضطهادات… حتى يأتي الوقت الذي فيه آمالهم تتحقق في التحقق المسالم لوعود الله، في هذه الحياة أو بعدها.  الإيمان ليس مادة ملموسة و”الإيمان الشخصي لا يخلق قوام الأمور التي ترجى. الإيمان لا يعطي مادة لأمر غير موجود. الإيمان المسيحي ليس “التفكير الإيجابي” أو “التفكير الإحتمالي” التي تزعم انها تخلق الى الوجود موضوع إهتمامها. بالأحرى، الإيمان المسيحي ينظر الى الأمام، مع توقّع واثق مليء بالأمل، الى التحقق الموضوعي وتجسد ما وعد به الله وما الله سيحققه بأمانة.”[2]

ما وعد  الإيمان هو الثقة بأن الأمور المرجوّة ستتحقق و يعطينا الإيمان التأكيد عن أمور لا نستطيع أن نراها.[3] وما يقصده بولس ب “الحقائق التي لا ترى” ليس أن الإيمان بحد ذاته يستطيع أن يجعل أموراً لا ترى منظورة بطريقة سحرية ولا يعد أن وقائع روحية غير منظورة يمكن جعلها تبدو حقيقية كما الأمور التي نراها بأعيننا الجسدية. “الأمور التي لا ترى” تدل على أحداث المستقبل الموعودة وتحقق ما ليس منظوراً الآن.”[4]

2-   بالنسبة الى تيار “كلمة الإيمان”، موضوع الإيمان هو الإيمان ولذلك لم يفهموا أن موضوع الإيمان هو الله. وهنا أصبح الإيمان صنماً، مخلّصاً، يتلاعبون به كيفما يشاؤون. الإيمان بالنسبة لهم هو كالوصفة السحرية تصدر قوة وعندما ننطق الكلمة تخرج قوة فتحدث التغيير. يقولون: “كل ما يتطلّب هو أن تتصوّر ما تحتاج إليه (جسدي أو مالي) وتنطق بالكلمة فيصبح الأمر موجوداً.” ويعلمون أن الإنسان لديه القوة لنطق الأشياء الى الوجود.

 

ومبشرو “كلمة الإيمان” يطلقون 4 وعود تحصل عليها إن كان إيمانك قوياً ولا تحصل عليها إن كان إيمانك ضعيفاً :

1- “الله يريد دائماً أن يكون عندك علاقات جيدة”.
ولكن إن قرأنا الإنجيل جيداً نرى عكس ذلك، فها أصدقاء يسوع قد تخلّوا عنه، يهوذا خانه، الشعب صرخ اصلبه.

2- “الله لا يريدك أن تتألّم”.
ولكن ألم يتألم المسيح؟ ألم يُضرَب؟ ألم يجلد؟ ألم يصلَب؟

3- “الله لا يريدك أن تكون ضحية بل منتصرٌ دائماً”.
ولكن ألم يكن يسوع ضحية اتهامات كاذبة، شهادات زور، محاكمة، إدانة، إعدام؟

4- “إن كنت فعلاً تثق بالله، لن يكون عندك شيء تقلق عليه ولن يكون لديك قلق”.
ولكن ألم يقلق يسوع في بستان الزيتون؟ ألم يعرق دماً؟

طلب منا يسوع أن نكفر بأنفسنا ونحمل صليبنا كل يوم ونتبعه. ألم يقل الكتاب المقدس إن يسوع ترك لنا مثالاً لنقتفي آثاره؟[5] ألم يعلن بولس أنه “لم أشأ أن أعرف شيئاً، وأنا بينكم، غير يسوع المسيح، بل يسوع المسيح المصلوب؟[6]

 

تعليم تيار “كلمة الإيمان” تعليم الكنيسة
الإيمان مادة ملموسة تقاس مثل الكهرباء. الإيمان هو إجابة الإنسان لله الذي يكشف له عن ذاته ويهبها له، وهو في الوقت نفسه يؤتي الإنسان نوراً فيّاضاً في بحثه عن معنى الحياة الأخير.[7] وهذا الإيمان يعترف به في قانون الإيمان، ويحتفل به في الليترجيا، ويعاش في العمل بالوصايا والصلاة.

 

2- الإعلان الإيجابي أو قوة الكلمة

بالنسبة لتيار “كلمة الإيمان”، كان على الله أن يستعمل الإيمان لكي يخلق الكون بكلمة.
ويركّز كينيث هاغن على قوة الكلمة التي تستطيع نطق الأشياء الى الوجود، بحسب اعتقاده، معتمداً على الآيات التالية:
– “الموت والحياة في يد اللسان، والذين يحبونه يأكلون ثماره”[8]
– “من حفظ فمه ولسانه، حفظ من الضيق نفسه”[9]
– “لأنك تزكى بكلامك وبكلامك يحكم عليك”.[10]
– “الحق أقول لكم: من قال لهذا الجبل: قم واهبط في البحر، وهو لا يشك في قلبه، بل يؤمن بأن ما يقوله سيحدث، كان له هذا.”[11]

ويعلّم كينيث هاغن أن الكلمات التي تتكلم بها في حياتك تكشف ما تؤمن به، تضع حدود لحياتك هذه، تؤثر على روحك وبالكلمة تنطق الأشياء الى الوجود في حين أنه بالنسبة الى التعليم الصحيح، فقط الله يستطيع نطق الأشياء الى الوجود والكلمة ليس فيها قوة سحرية إنما فقط مؤثرة.

طبعاً كالعادة قد استعمل كينيث هاغن هذه الآيات وأخرجها من سياقها لكي توافق معتقداته. مثلاً في الآيات (أمثال 18 : 21) و(أمثال 21 : 23) و(أمثال 12 : 36) ليست قوة كلمتي التي تصنع الموت أو الحياة، إنما النميمة وكثرة الكلام قد تؤثر على حياتي سلبياً وعدم النميمة تؤثر إيجابياً وهذا معلوم عند الجميع وهذه الآيات هي مجرد تحذير للذين يتحدثون كثيراً. وفي الآية (مرقس 11 : 23) يتحدّث يسوع عن الجبل حيث الهيكل الذي لم يجد ثماراً فيه بل فساداً فتنبأ بدماره وهكذا حصل حين أتى الرومان ودمروا الهيكل والقوا حجارته في البحر. وقد أفهم تلاميذه أن من يريد إلقاء فساده الداخلي في البحر عليه أن يصلي بثقة وهو لا يشك أن الله قادر على ذلك بل عليه أن يؤمن أن ما يريده ويصلي من أجله سيحققه الله، حينئذ سينال ما طلبه، طبعاً وفقاً لتوقيت الله.

بالنسبة الى تيار “كلمة الإيمان” عليك أن تؤمن بأمر ما في قلبك وتنطقه، حينئذ تنطلق الطاقة من داخلك وتخلق ما طلبته وهذا ينطبق على الصحة والازدهار. مثلاً: إن تحدّثت الى الشيك لكي يزدهر حسابك الشخصي، تنطلق قوة منك فتخلق المال. وإن كنت مريضاً تتحدّث الى جسدك وتقول شكراً لأنني شفيت فتنطلق قوة منك وتخلق الشفاء. ويعتقدون أنّ الله مأسور بكلمته ولذلك يحتاج للإنسان حتى بكلمة من الإنسان يقوم الله بعمله.[12]

“قولوا، هناك قوة في داخلي، تنطق حياةً وموتاً” (بيني هين).
“إذا أعلنتم ما لديكم، إن قلتم ماذا تريدون” (غلوريا كوبلاند).
“أنا هنا لأقول لكم، أعرف انني أعرف أنني أعرف… انني أنطق بشيء الى الوجود” (بيني هين).[13]

ويحث كينيث هاغن أتباعه على التمرد على الجميع قائلاً: “الكتاب يوصينا ان نحارب حرب الإيمان الحسنة. عليك أن تحارب هذه الحرب بكلامك، الذي هو سيف الروح. حارب حواسك الجسدية. حارب ما يقوله أقاربك. حارب ما يقوله الكاهن لكنيستك. حارب ما سمعته من المعلمين. يجب ان تحارب كل ما هو غير كتابي.” وهنا يضيف الوصفة التي تجعل أتباعه يقعون في الكبرياء الروحي: “أنت لن تستطيع أن تحقق شيئاً دون كلماتك”.

فقط الله يستطيع أن ينطق الأشياء الى الوجود وأما نحن فلا نستطيع لاننا لسنا آلهة. إن مبشري تيار “كلمة الإيمان” يطمسون الخط الفاصل بين الله الخالق والإنسان المخلوق. إنهم يجعلون الله صغيراً ويؤلهون الإنسان.

إسمعوا غلوريا كوبلاند: “لا تنظروا الى أنفسكم بشفقة ، مكتئبين، محطّمين، اخرجوا الى العالم إن كان عندكم مشاكل مالية حتى تروا أنفسكم مزدهرين. نحن رأينا انفسنا مزدهرين قبل أن ازدهرنا.”[14]

معظم الأشخاص الذين يسمعون هذا الكلام لا يرون فيه أي خطأ بل بالعكس يجدون إيجابية تجاه الحياة. ولكن الأمر الخطير هو أن غلوريا كوبلاند تتحدّث عن تقنية “التصوّر” أي visualization.  وجذور هذه الفكرة تعود الى تيار “الفكر الجديد”. أول أميركي يمارس هذه التقنية هو والاس واتلز (1860-1911) الذي كتب The Science of Getting Rich. في هذا الكتاب، واتلز يدافع عن “التصوّر الخلاق” كتقنية أساسية لتحقيق الأهداف الشخصية، ممارسة تنبع من نظرية الهندوس الأحادي للكون”.[15] التصوّر هو تقنية ال New Age حيث تتصوّر أموراً في ذهنك فتصبح واقعاً ملموساً. وهذا مطابق تماماً لما تعلّمه أوبرا وينفري Oprah Winfrey في فيلم The Secret. هذه الأفكار الطقوسية تطفو في عدة أماكن مع أوبرا وينفري، مع تيار “كلمة الإيمان.”[16]

يقول كينيث كوبلاند: “عندما تصل الى المرحلة حيث تأخذ كلمة الله وتبني صورة في داخلك أنك غير مشلول الرجلين وغير معمي العينين، ولكن عندما تغلق عينيك وترى نفسك تقفز عن الكرسي المتحرك، ستتصوّر ذلك في قدس الأقداس وستخرج من هناك. ستخرج.”[17]

إذا بالنسبة الى كينيث كوبلاند يكفي إغماض العينين وتصوّر نفسك من دون الكرسي المتحرك فتفتح عينيك وتحصل على الشفاء.

يقول بيني هين: “قالت لي إحدى الساحرات: “أتعلم اننا تعلّمنا في السحر كيف نقتل الطيور بالكلمات وكيف نقتل الناس بأفواهنا… تعلّمنا مع الكلمات لجلب المرض على الرجال عن طريق التحدّث بكلمات التي من شأنها إلحاق الهزيمة بهم. من خلال الكلمات كنت أقتل الطيور، كنت أقتل الطيور. كنت أكلّم الطير وكان الطير يسقط ميتاً. “قلت: “يا الله، لم أكن أعلم أن الشيطان يملك هذه السلطة. والرب تحدّث معي قائلاً: “يستطيع الشيطان أن يقتل بالكلمات، ثم أنت، من خلال كلماتك، تجلب الحياة.”  وهكذا استقرت في داخلي ونحن المسيحيين لا ندرك القوة في أفواهنا.”[18]
بيني هين يجعل من الإنسان إلهاً قادراً على نطق الأشياء الى الوجود، فيما أن الله وحده قادر على ذلك.

يقول ت.د. جيكس T.D. Jakes : “هكذا الله يلد، من كلمة الله. هكذا الله يجدّد. ولذلك حين تدخل في كلمة الله عليك أن تكون منتبهاً لما تقوله، لأن قوة الحياة والموت موجودة في لسانك.” [19]

إسمعوا هؤلاء: “إذاً، نحتاج لنتكلّم أموراً صحيحة لحياتنا ولمستقبلنا إن كنا نتوقّع أن تكون الأمور جيدة، لأن ما تقوله اليوم هو ما يمكن أن تحصل عليه غداً.” (جويس ماير)
“لسنا نحتاج ان نصلي لتكن مشيئتك يا رب. الروح القدس يريد إرسال النور الروحي الى عالم مظلم اليوم ولكنه ينتظرك وينتظرني لنقول، الكلمة المنطوقة هي المفتاح، تكلّم هذا الشيء. أعلن هذا الشيء وسيتحقق، مهما يكن هذا الشيء الذي تعلنه في حياتك. عليك أن تقوله“. (بول كراوتش).
“ماذا تحتاج؟ أحتاج الى المال. إذن إبدأ بخلقه. إبدأ التكلّم عليه. إبدأ نطقه الى الوجود. تحدث الى دفتر الشيكات، قل انت ايها الدفتر الشيكات لم تكن يوماً مزدهراً منذ أن ملكتك. لديك ألم ومرض في جسمك؟ تحدّث الى جسدك. الله سيخلق من خلال شفاهك. قل لجسدك، أنت جسد صحيح سليم. تحدّث الى رجلك، تحدّث الى ظهرك، تحدّث الى رقبتك، تحدّث الى زوجتك، تحدثي الى زوجك، تحدّث الى ظروفك، الله سيخلق ما تتكلّم به. ” (ماريلين هيكي).[20]

هل كلمتي تخلق؟ وهل أنا إله؟ هل الله هو مجرّد عبد عند كلمتي؟ لا، يا أحبائي، هذا ليس الإنجيل.

تقول غلوريا كوبلاند عن الاعلان الايجابي: “أتعلمون انكم من المفروض ان تسيطروا على الطقس؟ أقصد كينيث (زوجي) هو رجل الطقس الأول في البيت ولكن عندما لا يكون هناك، أنا أقوم بذلك. لديه الكمبيوتر، لديه الطقس الحالي، من أجل الطيران، لذا في بعض الاوقات اسمع شيئاً عن عواصف فأقول لكينيث: “عليك أن تفعل شيئاً إزاء ذلك”. أنتم هم الذين لديكم السلطان على الطقس. في يوم من الأيام كان كينيث وبات في هاواي في المنزل. كانا جالسين في الخارج وكان هناك عمودا من المياه في المحيط. إنه يشبه الزوبعة. شاهداها، وبّخاها ولم تفعل شيئاً. في أحد الأيام كنت في الطائرة في الخلف وكنا نستطيع رؤية الطقس. نظرت من النافذة والزوبعة نزلت من السماء الى الأرض وقال كينيث: “اوبخك باسم يسوع، عودي الى فوق.” وهذه الزوبعة عادت الى فوق. إذا انتم رجل الطقس. تتحدثون الى هذا الشيء وتقولون له لن تأتي الى هنا، آمرك لتضمحلّ وتعود الى فوق باسم يسوع. المجد لله.”[21]

غلوريا كوبلاند تجعل من الإنسان إلهاً يتحكّم بالطقس، فلمَ لا توقف بكلمة الأعاصير التي تسبب الدمار وتوقع ضحايا؟ لمَ لا توقف بكلمة الجفاف الذي يسبب المجاعات والأمراض؟

 

تعليم تيار “كلمة الإيمان” تعليم الكنيسة
الكلمة هي قوة في داخل الإنسان تخلق الأشياء الى الوجود. لا أحد يستطيع خلق الاشياء من العدم الى الوجود الا الله وحده. “الله خلق العالم ليظهر مجده ويشرك فيه. أن تشترك خلائقه في حقيقته، وجودته، وجماله، هذا هو المجد الذي خلقها لأجله.”[22] الله وحده الخالق.[23]

3- الصحة

يعتبر كينيث هاغن وتياره أن الشفاء الإلهي هو قصد الله لكل أبنائه مرتكزين على الآيات التالية:

1-   “وقال: “إن سمعت لصوت الرب إلهك، وصنعت ما هو مستقيم في عينيه، وأصغيت الى وصاياه، وحفظت جميع فرائضه، فجميع الأمراض التي أنزلتها بالمصريين لا أنزلها بك، لأني أنا الرب معافيك”.[24] واعتبر هذه الآية عهد الشفاء وعهد للصحة أي لا تأتي اليك الأمراض.

يعلّم كينيث هاغن أن مواعيد الشفاء الجسدي مشروطة بأن تصغي جيداً لصوت الرب، بأن تفعل كل ما هو حق أمامه، بأن تصغي وتستمع لوصايا الرب، وبأن تحفظ كل فرائضه وأحكامه، مرتكزاً على هذه الآية.
إذا بالنسبة لهذا التيار تستطيع أن تشفى من كل مرض إن طبّقت هذه الشروط الأربعة. ويتهّم كينيث هاغن المريض بالجسد أنه لا يبذل الجهود ليتمم هذه الشروط إنما يبرّر مرضه الجسدي بالقول هذه مشيئة الله. في لاهوت “كلمة الإيمان” ليست أبداً مشيئة الله أن تمرض وبرهانهم هو خروج 15 : 26. ولكن ما المقصود من “الأمراض” التي أنزلها الله بالمصريين؟ هي الضربات العشر التي ضربت المصريين بسبب رفض فرعون إطلاق الشعب. وهي أيضاً الأوبئة التي كانت موجودة في ذلك الزمان في مصر بسبب العبودية للخطيئة والإدمان ونمط الحياة. وقد سنت قوانين مع موسى لتنظيم كل شيء حتى يتجنبوا هذه الأمراض. فيكون سياق هذه الآية كالتالي: ومن يسمع صوت الرب ويسير في طريقه حافظاً الوصايا لا يتعرض لضربات من أجل الهلاك ومن يحفظ شريعة موسى في الأكل والشرب فلن تصيبه أوبئة مصر ومن يحفظ وصايا الله العشر أي الإبتعاد عن الخطيئة فلن تسيطر عليه الأمراض الروحية أي الكبرياء والزنى والغضب والعجب بالنفس والبخل والحزن والكسل والشراهة والإدمان.
من يشعر بأن الله يضربه بالأمراض؟ السائر في طريق الشر. ومن يشعر أن الله يقدّسه من خلال الأمراض؟ السائر في طريق الرب. إذا من يطبق الآية 26 لا يرى الأمراض كضربة من الله بل كطريق الى القداسة.
“لأني أنا الرب معافيك” من قساوة القلب التي جعلت الله ينزل ضرباته على المصريين ومن آثار الخطيئة ومن عبودية الإدمان.

كيف يقرأ هذا النص روحياً اليوم على ضوء القيامة؟
يقول الكتاب المقدّس للشخص الذي كان يعيش تحت وطأة الخطيئة أوالإدمان واكتشف حضور الله من خلال لقاء مسيحي أو الكتاب المقدّس أو الإعتراف أو القربان واشتعل قلبه بحب المسيح ويريد أن يعرفه أكثر ويحبه أكثر ويخدمه أكثر واتباعه: “إن سمعت لصوت الرب إلهك، وصنعت ما هو مستقيم في عينيه خلال مسيرتك الروحية الجديدة، وأصغيت الى وصاياه أي أن تلتزم بالوصايا العشر ولا تعود الى الخطيئة والإدمان، وحفظت جميع فرائضه من وصايا الكنيسة، فجميع الأمراض التي أنزلتها بالمصريين (أي الرذائل ونتيجة العيش تحت وطأة الإدمان) لا أنزلها بك، لأني أنا الرب معافيك من آثار خطاياك الماضية ومن الإدمان الذي كنت عبداً له”.

  • إذا الإدعاء الأول لكينيث هاغن هو أن الآية 26 في الفصل 15 من سفر الخروج هي عهد للصحة أي لن تأتي إليك الأمراض الجسدية وإن أتت إليك فذلك يعني أنك غير مؤمن حقيقي. يعتقد كينيث هاغن أن المرض هو من الشيطان ليسرق من المؤمنين الحق الإلهي للصحة الكاملة ويعتقد أن المؤمن الحقيقي لا يمرض.
    وأما بالنسبة للمسيحي الحقيقي، الألم هو واقع في هذه الحياة وهذا الواقع الأليم ينتهي عند أبواب السماء، إذ يقول الكتاب المقدّس: “وسيمسح كل دمعة من عيونهم. وللموت لن يبقى له وجود بعد الآن، ولا للحزن ولا للصراخ ولا للألم لن يبقى لها وجود بعد الآن، لأن العالم القديم قد زال”.[25]

هل فعلاً هذه الآية هي عهد لكل مؤمن أن لا يمرض أبداً؟ وهل أصبح كل مرض يدل على غياب الإيمان عند المريض؟
إن هذه الآية تتكلّم مع الشعب العبراني الذي كان تحت شريعة موسى وليس الكنيسة. خلال مسيرتهم في الصحراء وعدهم الرب بأن يحررهم من أوبئة مصر وبأن يباركهم. إن أطاعوا وصايا الله سيباركون وإن لم يطيعوا وصايا الله فسوف يلعنون. هذا العهد لا ينطبق على الكنيسة اليوم. طبعاً الله قادر على الشفاء الجسدي في العهد الجديد ولكن الشفاء غير مضمون. الرب يشفي بحسب مشيئته. الرب يسمح بالأمراض لكي يخلّص الإنسان ويقدّسه. “وإننا نعلم أن جميع الأشياء (ومن ضمنها الأمراض) تعمل لخير الذين يحبون الله، أولئك الذين دعوا بسابق تدبيره”.[26]ألم يمرض بولس وكان مؤمناً؟ “تعلمون أني لمرض في جسمي بشّرتكم أول مرة، وكنت لكم محنة بجسمي، فلم تزدروني ولم تشمئزوا مني، بل قبلتموني قبولكم لملاك الله، قبولكم للمسيح يسوع”.[27] ألم يمرض أيوب وكان باراً بشهادة الكتاب المقدّس؟ “وكان أيوب كاملاً مستقيماً يتقي الله ويجانب الشرّ”.[28] ألم يمرض طروفيمس ولماذا تركه بولس مريضاً دون أن يشفيه؟[29] ألا نمرض أحياناً؟

تعليم كينيث هاغن يجعلنا ندين المريض ونحتقره ويجعلنا نقيس الآخرين مما يوقعنا في فخ تبرير الذات والكبرياء الروحي ويجعلنا نميّز بين الإخوة والنظر اليهم بفوقية كنظرة الفريسي للعشار وإن مرضنا إما نشعر أن إيماننا غير كافٍ وإما نتجاهل أننا مرضى. هذه مشكلة، ففي الوقت الذي فيه يبشّرون بالصحة، فإن هذا التعليم يوصل الإنسان الى عدم الصحة.

2-       الآية التي يعتمدون عليها هي التالية: “أيها الحبيب، أرجو أن توفّق في كل شيء وأن تكون صحتك جيّدة، كما أنك موفّق في نفسك.”[30]

هذه الآية يتكلون عليها ليبرروا عقيدة الصحة (أن تكون صحتك جيدة) والازدهار (أنك موفق في كل شيء). ولكن هل هذه الآية هي أمر من الله؟ أم أنها مجرّد تحية من بولس الى غايس. ولا يمكن أن نجعل تحية عقيدة وأمر من الله. إنها تشبه تمنياتنا لأصدقائنا بالصحة والتوفيق: “بتمنالك الصحة والتوفيق انشالله”.

ويعلّم كينيث هاغن أن الله لا يريدك فقط أن تتمتّع بالشفاء من الأمراض بل ان تتمتّع بصحة وقوة إلهية. ويطلب من أتباعه ان يعتبروا المرض لعنة وعمل من أعمال إبليس ينبغي ان يزول من حياة الإنسان.

ويعلّم كينيث هاغن “حقيقتين”:
1 – أن المسيح افتدانا ليس فقط من الخطية لكن من الأمراض أيضاً (وهذا غير صحيح وليس كتابياً أن المسيح افتدانا من الأمراض الجسدية). يعتمدون على الآية التالية: “ولما كان المساء، أتوه بكثير من الممسوسين، فطرد الأرواح بكلمة منه، وشفى جميع المرضى. ليتمّ ما قيل على لسان النبي أشعيا: “هو الذي أخذ أسقامنا وحمل أمراضنا”.[31]

هذه الآية ليست جزءاً من الفداء على الصليب. لم تقل مات من أجل أسقامنا وأمراضنا بل أخذ أسقامنا وحمل أمراضنا وشفاء هؤلاء تمّ قبل الآلام والموت على الصليب. هذه النبوءة تحققت خلال حياة يسوع الرسولية. الخطيئة هي المرض الحقيقي (الرذائل: الكبرياء، العجب بالنفس، الحسد، البخل، الزنى، الغضب) . الأسقام والأمراض عند متى في هذا النص هي روحية. المرض الجسدي ما هو سوى عارض المرض الروحي الذي هو الخطيئة.

2-   ويعلّم كينيث هاغن أن الشفاء الإلهي والصحة الإلهية مرتبطان بالفداء مبرراً ذلك بأن يسوع دفع خطايانا وأمراضنا فلا داعي لحملها مرة أخرى. وهذا غير صحيح. ويعتمدون على الآية التالية: “لقد حمل هو آلامنا واحتمل أوجاعنا”.[32]

يسوع شفى المرضى ولكن الكتاب المقدس لا يقول أن الرب سيشفي دائماً وأننا لن نحتاج الى طبيب. بالعكس، الرب أعطى مثلاً عن أن المرضى يحتاجون الى طبيب، لو أراد الرب ان يلغي الأطباء لما أعطى مثلاً عن الأطباء. “أدِّ للطبيب كرامته لأجل خدماته، فإن الرب خلقه هو أيضاً، لأن الشفاء من عند العلي، ومن الملك ينال الطبيب العطايا. علم الطبيب يعلي رأسه، فيعجب به عند العظماء. الرب أخرج الأدوية من الأرض، والرجل الفطن لا يستخفّ بها.”[33]

هناك أمثلة كثيرة في الكتاب المقدّس عن أشخاص تألموا فلماذا لم يكن هناك ضمانة لهم ضد الأمراض كما يعلّم كينيث هاغن؟ وهم أطاعوا الرب فلماذا اختبروا الأمراض في حياتهم؟ يدعي كينيث هاغن ان الله أعطانا وعداً قاطعاً ان إن أطعنا جميع وصاياه فلن يسمح لمرض واحد من الأمراض ان يصيبنا ومن ضمن اللعنات على الشخص هي لعنة أمراض القلب. فإن كان ذلك صحيحاً فلماذا كان كينيث هاغن مريض القلب وقد تعرّض لثلاث أزمات قلبية والأخيرة قتلته؟

 

ما هي مخاطر هذا التعليم؟
الخطر في تيار “كلمة الإيمان” أن عندما يمرض أحدهم يقوم بإنكار أنه مريض. ويدّعي أن ما يظهر مرضاُ هو بالأحرى عارض من الشيطان حتى يخدعه ويوهمه أنه مريض في حين أنه ليس مريضاً. الخطر واضح: نكران العوارض الصحية قد يوصل الى الموت. هناك كتاب مؤثر اسمه We Let Our Son Die by Larry and Lucky Parker يتحدث عن موت طفلهم بسبب هذه العقيدة المدمرة. والجدير بالذكر أن مؤسس تيار “كلمة الإيمان” لم ينجُ من المرض، إذ تعرّض لثلاث أزمات قلبية.

 

ويعتمدون على الآية التالية ليقولوا أن المسيح مات من أجل ان نشفى جسدياً: “طعن بسبب معاصينا وسحق بسبب آثامنا، نزل به العقاب من أجل سلامنا، وبجرحه شفينا.”[34]

السياق الحقيقي هو أن السبب الذي من أجله طعن المسيح وسحق على الصليب هو معاصينا وآثامنا. إذاً الشفاء الذي يتحدّث عنه هنا هو روحي وليس جسدياً.

ويستعملون هذه الآية “وهو الذي حمل خطايانا في جسده على الخشبة لكي نموت عن خطايانا فنحيا للبر. وهو الذي بجراحه شفيتم”[35] ليبرروا موت المسيح من أجل الشفاء الجسدي. ولكن السياق الحقيقي هو الشفاء من الخطيئة حتى نحيا للبرّ.

ويعلّم مبشرو تيار “كلمة الإيمان” بتعليم الناس أن الأشخاص الذين يعترضون على عقيدة الصحة والشفاء هم من ال  Anti-Christ أو أعداء المسيح.

يؤمنون أن المؤمن لا يمرض ولكن الكتاب المقدس يثبت العكس: في رسالة بولس الأولى الى طيموتاوس  يصف بولس طيموتاوس بأنه ابنه المخلص في الإيمان[36] وينصحه ان يتناول قليلاً من الخمر من أجل معدته وأمراضه الملازمة[37].
وأسأل أتباع تيار “كلمة الإيمان”: لماذا استعمال الخمر وليس الكلمة باسم الرب للحصول على الشفاء؟ ولماذا مرض طيموتاوس جسدياً في حين أنه كان ابن بولس المخلص في الإيمان؟ أي كان مؤمناً حقيقياً.

 

تعليم تيار “كلمة الإيمان” تعليم الكنيسة
المؤمن الحقيقي لا يمرض. سماح الله بالشر الطبيعي والشر الأدبي سرّ يجلوه الله بابنه يسوع المسيح الذي مات وقام للتغلّب على الشرّ. الإيمان يثبت لنا أن الله لا يسمح بالشرّ لو لم يكن يستخرج الخير من الشرّ نفسه، بسبلٍ لن نعرفها معرفة كاملة.[38]

 

4- الازدهار

وفي لاهوت “كلمة الإيمان” هي مشيئة الله دائماً أن تكون غنياً ومزدهراً.

ويعتمدون على 3 يوحنا 2  التي يعتبرونها قانوناً روحياً يقول أن الشخص سيزدهر كما تزدهر روحه في حين أن هذه الآية هي مجرد تحية ورغبة يوحنا وصلاته لغايس لكي تكون صحته جيدة ويكون موفقاً في الوقت الذي ينمي فيه روحياً.

والآية الثانية التي يعتمدون عليها هي يوحنا 10 : 10 “فقد أتيت لتكون الحياة للناس، وتفيض فيهم.” هنا اعتبر مبشرو “كلمة الإيمان” أن “الحياة للناس” تعني “الحياة الروحية” والفيض يكون ماديّاً. وهذاغير منطقي: كيف استطاعوا الفصل بين “الحياة للناس” و”تفيض فيهم”؟ الذي يفيض في الناس هو “الحياة” = الحياة الروحية. وفي هذه الآية لا يتحدّث يوحنا عن الازدهار بل يقوم بمقارنة بين ما يفعله السارق وبين ما يقوم به الراعي الصالح.

والآية الثالثة هي من إرميا 29 : 11: “لأني أعلم أن أفكاري التي أفكرها في شأنكم، يقول الرب، هي أفكار سلام لا بلوى، لأمنحكم بقاء ورجاء.” ويعتبرون هذه الآية برهاناً على أن مشيئة الله هي أن تزدهر ولا يمكن أن يسمح لك أن تفتقر أو تمرض.
في حين أننا إذا قرأنا الآيات التي سبقت هذه الآية يتضح كل شيء:
في إرميا 4 : 5 – 10 الرب سيجلب شرّاً من الشمال… ليجعل الأرض دماراً، فتخرب المدن… فقال إرميا: آه أيها السيد الرب، لقد خدعت هذا الشعب وأورشليم خداعاً، قائلاً: سيكون لكم سلاماً = شالوم = ازدهاراً، وها إن السيف قد بلغ الحلق.”
وفي إرميا 8 : 15 الرب لا يجلب الازدهار ولا الشفاء: “إنتظرنا السلام = شالوم = ازدهار فلم يكن خير، وأوان الشفاء فإذا الرعب.” إذا الرب يسبب الدمار. “وقال لي الرب: “لا تصلِّ من أجل هذا الشعب للخير. إذا صاموا فلا أسمع صراخهم، وإذا أصعدوا محرقة وتقدمة فلا أرضى عنهم، بل أفنيهم بالسيف والجوع والطاعون.” فقلت: “آه أيها السيد الرب! ها إن الأنبياء يقولون لهم: “إنكم لا ترون سيفاً، ولا يحلّ بكم جوع، بل أجعل لكم سلام حق (=ازدهار) في هذا المكان”. فقال لي الرب: “إن الأنبياء يتنبأون باسمي كذباً، وأنا لم أرسلهم ولم آمرهم ولم أكلّمهم. إنما يتنبأون لكم برؤيا كاذبة وبالعرافة والباطل ومكر قلوبهم. لذلك هكذا قال الرب: إن الأنبياء المتنبئين باسمي وأنا لم أرسلهم، وهم يقولون: لا يكون في هذه الأرض سيف ولا جوع، إن هؤلاء الأنبياء بالسيف والجوع يفنون.” (إرميا 14 : 11 – 15).
“فإني أفتقد تلك الأمة بالسيف والجوع والطاعون، يقول الرب،…فلا تسمعوا لأنبيائكم وعرافيكم وحالميكم ومنجّميكم وسحرتكم… فإنهم إنما يتنبأون بالكذب ليبعدوكم عن أرضكم ولأدفعكم فتهلكوا.” (إرميا 27 : 8 – 10).
إذا أنظروا الى ما مرّ به الشعب قبل أن يصل الى السلام. فأفكار الله هي أفكار سلام لا بلوى (إرميا 29 : 11) حتى ولو مررنا بالجوع والطاعون وفقدنا السلام = الازدهار (إرميا 14 + 27).

إنّ تيار “كلمة الإيمان” يعتمد أيضاً على تثنية الإشتراع 28 : 1 -14 لكي يبرّر عقيدة الازدهار. بالطبع كان الازدهار المادي مرتبطاً بالبركات في العهد القديم بالنسبة الى اليهود الذين كانوا تحت شريعة موسى ولذلك كان اليهود يعتبرون الشخص الغني مباركاً من الله (الشاب الغني  مرقس 10: 17 – 27) وأما الفقير (مثلاً لعازر في لوقا 16 : 19 – 31) والأعمى (يوحنا 9 : 2-3) والذين سقط عليهم البرج وقتلهم (لوقا 13: 1 – 5) فهم مرضى وغير مزدهرين بسبب اللعنة وبسبب خطاياهم أو خطايا والديهم أو عظم خطيئتهم قد أصابهم ما أصابهم. وقد أوضح يسوع كل هذه الأمور إذ فاجأ تلاميذه اليهود من موقفه من الشاب الغني (مرقس 10: 17 – 27) الذي كان يعتبر مباركاً من الله وصدموا لطلب يسوع منه بالتخلي عن أمواله وأدهشهم لقوله: “ما أعسر دخول ملكوت الله على ذوي المال” في حين أن الشاب كان مؤمناً حافظاً لوصايا الرب ينطبق عليه تثنية الإشتراع 28 : 1 – 14. وأعطى يسوع مثلاً عن لعازر الفقير والمغطى بالامراض والذي بحسب كينيث هاغن واليهود يعتبر أمثال لعازر غير مباركين من الرب وملعونين ولكن كان مصير لعازر الجلوس في أحضان إبراهيم (لوقا 16 : 23). وأوضح يسوع لتلاميذه أن لا الأعمى ولا والداه قد خطئوا ولكن كان المرض أو الفقر لتظهر فيه أعمال الله (أي البصر الروحي كما يظهر في يوحنا 9 : 39 “إني جئت هذا العالم لإصدار حكم: أن يبصر الذين لا يبصرون، ويعمى الذين يبصرون”).  وسأل يسوع اليهود “أتظنون هؤلاء الجليليين أكبر خطيئة من سائر الجليليين حتى اصيبوا بذلك؟”  [39]وهنا يركّز يسوع على التوبة “إن لم تتوبوا، تهلكوا بأجمعكم مثلهم”[40].

وعود تثنية الإشتراع 28 : 1 – 14 وخروج 23: 25 وتثنية الإشتراع 7 : 15 تقع في سياق العهد الملموس مع الله (أرض الميعاد والخيرات الأرضية) ولم يكن هناك العهد الجديد وآورشليم الجديدة والوعد بالحياة الأبدية مع يسوع المسيح. إن المسيح والعذراء والرسل لم يعيشوا الازدهار وهناك أيوب وإيليا ويوحنا المعمدان ويعقوب وموسى وإرميا وحزقيال وأشعيا.

المسيحي الحقيقي يعلم أن حياة المرء، وان اغتنى، لا تأتيه من أمواله (لوقا 12 : 15). فلماذا أتبع طريقة “كلمة الإيمان” التي تعطي طرقاً للوصول الى الازدهار وتشرح “قوانين الروح” وكل هذه الخرافات بهدف الوصول الى “الهدف” الذي تعتبره “النجاح”. الهدف هو القداسة والأفضل لنا أن نركز على التواضع والطاعة والطهارة والأمور الروحية التي تساعد الإنسان على بلوغ القداسة.

ويقوم مبشّرو تيار “كلمة الإيمان” بتعليم الناس أن إن لم يزدهروا فذلك يعني أنهم من أهل بابل، أي من الهالكين. وفي هذا الرابط فيديو يلّخص تعليمهم حول الإزدهار.[41]

 

تعليم تيار “كلمة الإيمان” تعليم الكنيسة
المؤمن الحقيقي يزدهر.

نحسب مضلين ونحن صادقون، مجهولين ونحن معروفون، مائتين وها إننا أحياء، معاقبين ولا نقتل، محزونين ونحن دائماً فرحون، فقراء ونغني كثيراً من الناس، لا شيء عندنا ونحن نملك كل شيء
(2 قور 6 : 8 – 10).

 

 

5- عقيدة الآلهة الصغيرة

جميع مبشّري “كلمة الإيمان” يعلمون انه إن كنت مخلَّصاً فأنت في الواقع “إله صغير”.

يقول كريفلو دولار Creflo Dollar أن الإنسان هو إله صغير مرتكزاً على سفر التكوين 1 : 26 – 27:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

“وقال الله: “لنصنع الإنسان على صورتنا كمثالنا، وليتسلّط على أسماك البحر وطيور السماء، والبهائم وجميع وحوش الأرض، وجميع الحيوانات التي تدبّ على الأرض”. فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه، ذكراً وأنثى خلقهم.”
ويتابع القول لأتباعه: “هذا ملفت للإهتمام لأن بعد رؤيتنا كل شيء يلد من جنسه، الآن نرى الله يلد الإنسان وإن كان الله يلد الإنسان وكل شيء يلد من جنسه، … إن التقت الأحصنة ببعضها فماذا تلد؟ أحصنة. وان التقت الكلاب ببعضها فماذا تلد؟ كلاب. وان التقت الهررة مع بعضها فماذا تلد؟ هررة. وان اجتمع الله وقال لنصنع الإنسان فماذا يلد؟ آلهة. يلد آلهة… سأقول لكم الآن، أنتم آلهة صغيرة. أنتم آلهة لأنكم أتيتم من الله وأنتم آلهة، أنتم لستم مجرّد بشر، الجزء الوحيد الإنساني فيكم هو جسدكم المادي الذي تعيشون فيه. الأنا الحقيقي هو مثل الله.”[42]
لا شك أن هذه هرطقة كبيرة لأن الكتاب المقدس واضح أن لا إله سوى الله. ولكن تيار “كلمة الإيمان” يبررون عقيدة الآلهة بالآية التالية: “ألم يكتب في شريعتكم: قلت إنكم آلهة؟”[43]

ولكن يسوع يعود الى المزمور 82 : 6 – 7 : “قد قلت: أنتم آلهة، وبنو العليّ كلّكم، كلا! بل كالبشر تموتون، وكرجل واحد، أيها الرؤساء تسقطون”. تتحدث هذه الآية عن القضاة في إسرائيل كيف كانوا يدعون آلهة ليس لأنهم آلهة بل بسبب وظيفتهم التي تجعلهم يقررون أموراً تعود الى الله كأمور الحياة أو الموت. وفي الآية 7 يسخر من “الآلهة” قائلاً: لا، بل كالبشر تموتون، أي حتى ولو مارستم وظيفة تخولكم أن تقوموا باتخاذ قرارات فيها موت أو حياة، فإنكم ستموتون كبقية الناس. وما يقوله يسوع هو ان ما كان القضاة نظرياً (آلهة) يسوع هوفعلياً (إله).

وبحسب اللاهوتي جاستين بيترز، ما يعلّمه مبشّرو “كلمة الإيمان” حول عقيدة الآلهة الصغيرة يشبه تماما هرطقة اسمها Henotheism. ما هي الهينوتييزم؟ إنه المعتقد أن هناك عدة آلهة ولكن هناك واحد فقط يستحق العبادة. من يؤمن أيضاً بالهينوتييزم؟ بدع المورمون وشهوديهوه.

 

تعليم تيار “كلمة الإيمان” تعليم الكنيسة
الإنسان هو “إله صغير” “لا يوجد الا إله واحد… هو الآب، وهو الله، وهو الخالق، وهو الصانع، وهو المنظّم. صنع كل شيء بنفسه، أي بكلمته وبحكمته، وبالابن والروح اللذين هما بمثابة “يديه”. الخلق هو عمل الثالوث الأقدس المشترك.[44]

 

 

 

 

 

6- عقيدة سقوط آدم

هذا سيساعدنا فعلاً لفهم تيار “كلمة الإيمان”.
يعلّم مبشرو كلمة الإيمان أن آدم كان نسخة طبق الأصل عن لله، أي كان إلهاً. والله ولد الإنسان بحسب صنفه (أي طبيعة إلهية). وبعد سقوط آدم خسر الإنسان ألوهيته ونقلت هذه الألوهة الى الشيطان وطرد الله عن كوكب الأرض وأصبح وجوده على الأرض غير شرعيّ. وأما الشيطان فأصبح إله الأرض الشرعي. وفي الفداء أخذ يسوع طبيعة إبليس الخاطئة وتحوّل المسيح الى خطيئة (كما يتحول الخبز الى جسد المسيح خلال القداس بحسب معتقدنا الكاثوليكي) ومات جسدياً وأخذه الشيطان الى جهنم حيث عذبه روحياً ومات المسيح روحياً. وبعد القيامة أستعاد الإنسان ألوهيته المفقودة ولذلك يعتبرون أنفسهم آلهة. وهم يتمسّكون بعقيدة الصحة والازدهار لأن الإله لا يمكن أن يمرض أو أن يفتقر.

ويعلّم بيني هين ومايلز مونرو أن كل روح من دون جسد هو غير شرعي على كوكب الأرض وأن الله غير شرعي على الأرض. لماذا؟ لأنه روح. ولذلك لم يستطع الله التدخّل عندما أكل آدم وحواء التفاحة.[45]

 

 

هذا التعليم غير موجود في الكتاب المقدس وإنما في مخيّلة المؤسس.

للإستنارة حول موضوع الخطيئة الأصلية بحسب تعليم الكنيسة، الرجاء قراءة كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية من فقرة 385 حتى 421

 

 

 

7- الموت الروحي للمسيح

يعلّم كينيث هاغن أن “الموت الروحي ليس فقط الانفصال عن الله. الموت الروحي ليسوع يعني أيضاً أخذ طبيعة إبليس. ذاق يسوع الموت، الموت الروحي، من أجل كل إنسان.”[46]
كتب كينيث كوبلاند: “صلاح الله أصبح خطيئة. قبل الله في روحه طبيعة إبليس الخاطئة. في الوقت الذي فعل ذلك صرخ “إلهي إلهي لماذا تركتني” لا تعلموا ماذا حدث على الصليب…قال المسيح: أقبل في روحي الموت الروحي والنور أُطفئ.”[47]
وكتب هانك هانيغراف عن لسان كوبلاند أن “المسيح قبل في روحه طبيعة الشيطان الخاطئة”.[48] عندما يعلّمون أن المسيح تحوّل الى خطيئة فذلك يشبه مفهومنا لتحوّل الخبز الى جسد الرب.

 

 

تعليم تيار “كلمة الإيمان” تعليم الكنيسة
المسيح تحوّل الى خطيئة.
اغتصب من قبل الرومان.

عندما مات المسيح جسدياً، أخذته الشياطين الى جهنم مات روحياً في جهنم بعد أن عذبّته الشياطين وذلك حتى يفدي الروح.

يسوع عرف كل شيء ما عدا الخطيئة.
يسوع تمّم الفداء على الصليب حين قال: “لقد تمّ”.

عندما مات المسيح على الصليب، انحدر، بنفسه المتحدة بالشخص الإلهي، الى مقرّ الأموات. وفتح للأبرار الذين سبقوا مجيئه أبواب السماء.[49]

 

 


[2] A Commentary on the Epistle to the Hebrews, Jesus Better than Everything, Pages 331-332
http://www.christinyou.net/pages/pdfs/HebrewsCommEbook.pdf

[4] A Commentary on the Epistle to the Hebrews, Jesus Better than Everything, Pages 332-333
http://www.christinyou.net/pages/pdfs/HebrewsCommEbook.pdf

 

[5](1 بطرس 2 : 21)

[6](1 قورنتس 2 : 2)

[7]التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، فقرة 26، صفحة 38

[8](أمثال 18 : 21)

[9](أمثال 21 : 23)

[10](أمثال 12 : 36)

[11](مرقس 11 : 23)

[16]A Call for Discernment“.A Biblical Critique of the Word of Faith Movement, by Justin Peters.

[17]Kenneth Copeland, Inner Image of the covenant, as quoted in Hanegraaff’s: Christianity in Crisis, pg. 81.

[18]Benny Hinn, Praise the Lord program on TBN (1989, June 1)

[19]T.D. Jakes, The Potter’s House, TBN, Dec 3, 2001

[22]التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، الفقرة 319، الصفحة 116

[23]التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، الفقرة 290، الصفحة 108

[24](سفر الخروج 15 : 26)

[25](رؤيا 21 :4)

[26](روما 8 : 28)

[27](غلاطية 4: 13-14)

[28](أيوب 1:1)

[29](2 طيم 4 : 20)

[30](3 يوحنا 2)

[31](متى 8 : 16 – 17)

[32](آشعيا 53 : 4)

[33](يشوع ابن سيراخ 37 : 1 – 4)

[34](آشعيا 53 : 5)

[35](1 بطرس 2 : 24)

[36](1 طيم 1 : 2)

[37](1 طيم 5 : 23)

[38]التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، الفقرة 324، الصفحة 116

[39](لوقا 13 : 2)

[40](لوقا 13 : 3)

[43](يوحنا 10 : 34).

[44]التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، الفقرة 292، الصفحة 108

[46]Kenneth E. Hagin, The Name of Jesus (Tulsa, OK: Kenneth HaginMinistries, 1981), 31.

 

[47]Kenneth Copeland, “What Happened from the Cross to the Throne” (Fort Worth, TX: Kenneth Copeland Ministries, 1990), audiotape #02-0017, side 2.

 

[48](Kenneth Copeland; “Christianity in Crisis” by Hank Hanegraaf, pg. 157-158, quoted in “Kingdom of the Cults” by Walter Martin, pg. 501)

 

[49]التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، الفقرة 637، الصفحة 207