كيف أوحى الله بذاته؟

بماذا يوحي اللّه إلى الإنسان؟

إنّ اللّه بفرط صلاحه وحكمته يوحي إلى للإنسان بذاته. ويكشف له،بالأحداث وبأقواله،عن ذاته وعن قصده العطوف الذي عقده في المسيح منذ الأزل لصالح البشر.وهذا القصد يقوم على إشراك جميع البشر،بنعمة الروح القدس،في الحياة اللإلهيّة،لكي يصيروا أبناء بالتبنّي في ابنه الوحيد.

ما هي مراحل وحي اللّه الأولى؟

منذ البدء أظهر اللّه ذاته لأبوينا الأوّلين آدم وحوّاء،ودعاهما إلى شركة حميمة معه.وبعد عثرتهما لم يقطع وحيه،ووعد بالخلاص لنسلهما جميعه.وبعد الطوفان أبرم مع نوح عهداً بينه وبين كلّ الكائنات  الحيّة.

ما هي المراحل المتتالية لوحي اللّه؟

 

اختار الله أبرام داعيًا إيّاه إلى الخروج من أرضه حتّى يجعله “أبا جمهور أمم” (تكوين 5:17). ووعده بأن “يتبارك به جميع عشائر الأرض” (تكوين 3:12). والشّعب سليل إبراهيم سيكون المؤتمن على الوعود الإلهيّة المقطوعة للأجداد. وأنشأ الله إسرائيل شعبه المختار وأنقذه من عبوديّة مصر. وعقد معه عهد سيناء وأعطاه، على يد موسى، شريعته. والأنبياء بشّروا بفداءٍ جذريّ للشّعب وبخلاصٍ يشمل جميع الأمم، في عهد جديد أبديّ. من شعب إسرائيل ومن سلالة داود يولد يسوع الماسيّا.

 ما هي المرحلة الأخيرة والنّهائيّة للوحي الإلهيّة؟

تمّت هذه المرحلة بالكلمة المتجسّد يسوع المسيح،وسيط الوحي وكماله. ولأنّه الإبن الوحيد للّه الّذي صار إنساناً، فهو كلمة الآب الكاملة والنّهائيّة. وبإرسال الإبن وإعطاء الروح القدس أصبح الوحي من بعد كاملاً بالتمام، وإن كان على إيمان الكنيسة أن تدرك عبر الأجيال وتدريجيًّا كلّ ما ينطوي عليه من فحوى.

ما هي قيمة حالات الوحي الخاصّة؟

إنّها وإن لم تُعد  من وديعة الإيمان، فهي قادرة على أن تساعد على حياة الإيمان نفسه شرط أن تبقى على علاقة وثيقة بالمسيح. إلّا أنّ السّلطة الكنسيّة التعليميّة الّتي لها أن تقوم بالتمييز في حالات الوحي الخاصّة لا تستطيع قبول تلك الّتي تدّعي أنّها تتجاوز أو تصلح الوحي النّهائي الّذي هو المسيح.

لماذا وكيف يجب أن يتمّ تناقل الوحي الإلهيّ؟

“الله يريد أنّ جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحقّ يبلغون”. ( تيموتاوس الأولى 4:2)، أي معرفة يسوع المسيح. فيجب إذن أن يُبشّر بالمسيح جميع البشر، بحسب وصيّته الخاصّة: “إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم” (متّى 19:28). وهذا يتحقّق بالتقليد الرّسولي.

ما هو التّقليد الرسولي؟

التّقليد الرسولي هو نقل رسالة المسيح الّتي تُتَمّم منذ أصول المسيحيّة الأولى بالكرازة، والشّهادة، والمؤسّسات، والعبادة، والكتب الموحى بها. فقد نقل الرّسل إلى خلفائهم، الأساقفة، ومن خلالهم إلى جميع الأجيال، حتّى منتهى الأزمنة، ما تسلّموه من المسيح وما تلقّنوه من الرّوح القدس.

كيف يتحقّق التّقليد الرّسولي؟

يتحقّق التّقليد الرّسولي على وجهين: بالنّقل الحيّ لكلمة الله ( المسمّاة ببساطة أكثر التّقليد)، وبالكتاب المقدّس، الّذي هو تدوين بالكتابة، لبشارة الخلاص عينها.

 

ما هي العلاقة بين التّقليد والكتاب المقدّس؟

التّقليد والكتاب المقدّس مرتبطان أحدهما بالآخر ومتّصلان إتّصالًا وثيقًا. إذ إنّ هذا وذاك يجعلان سرّ المسيح في الكنيسة حاضرًا وخصبًا، وينبجسان من ينبوعٍ إلهيٍّ واحد ويؤلّفان وديعة مقدّسة واحدة للإيمان تستمدّ منها الكنيسة يقينَها في شأن كلّ ما هو موحىً به.

إلى مَن عُهد في وديعة الإيمان؟

منذ عهد الرّسل عُهد في وديعة الإيمان إلى مُجمل الكنيسة. فشعب الله كلّه، بتحسّسه الفائق الطّبيعة للإيمان، وبدعم الرّوح القدس، وإرشاد سلطة الكنيسة التّعليميّة، يتقبّل الوحي الإلهي، ويزداد دومًا تعمّقًا في فهمه، ويتمسّك في حياته بتطبيقه.

 

إلى من عُهد في تفسير وديعة الإيمان تفسيرًا أصيلًا؟

مهمّة التّفسير الأصيل لوديعة الإيمان عُهد فيها إلى سلطة الكنيسة التّعليميّة الحيّة وحدها، أي إلى خليفة بطرس، أسقف روما، والأساقفة الّذين هم في شركة معه.

ويعود أيضًا إلى تلك السّلطة التّعليميّة، الّتي تنعم، في خدمة كلمة الله، بموهبة العصمة الأكيدة، أن تحدَّد العقائد الإيمانيّة، الّتي هي صِيَغ لحقائق يحتويها الوحي الإلهي. ويمتد هذا السّلطان كذلك إلى الحقائق الّتي لها علاقة ضروريّة بالوحي.

ما هي العلاقة بين الكتاب المقدّس والتّقليد والسّلطة الكنسيّة التّعليميّة؟

 

إنّ الكتاب المقدّس والتّقليد والسّلطة الكنسيّة التّعليميّة هي على ترابط في ما بينها إلى حدّ أن واحدة ً منها لا تثبت بدون الأخرى. وهي جميعها معًا، بفعل الرّوح القدس، تسهم، كلّ واحدة على طريقتها، في خلاص البشر، إسهامًا فعّالًا.

لماذا يعلّم الكتاب المقدّس الحقيقة؟

لأنّ الله نفسه هو واضع الكتاب المقدّس. إنّه إذن موحىً به ويعلّم الحقائق الضروريّة لخلاصنا دون خطأ. فالرّوح القدس ألهمَ الكُتّاب البشريّين، الّذين دوّنوا ما أراد الله أن يعلّمنا. ومع ذلك فالإيمان المسيحيّ ليس “دين كتاب”، بل دين “كلمة” الله، “لا دين كلمة مكتوبة وخرساء، بل دين الكلمة المتجسّد والحيّ”.

كيف يُقرأ الكتاب المقدّس؟

يجب أن يُقرأ الكتاب المقدّس ويُفَسَّر بعون الرّوح القدس وبإرشاد السّلطة الكنسيّة التّعليميّة، بحسب مقاييس ثلاثة: 1- التنبّه الشّديد لمضمون الكتاب ووحدته. 2- قراءة الكتاب في التّقليد الحيّ للكنيسة. 3- التّنبّه لمناسبة الإيمان أي تلاحم حقائق الإيمان في ما بينها بانسجام.

ما هو قانون الأسفار المقدّسة؟

قانون الأسفار المقدّسة هو الّلائحة الكاملة للأسفار المقدّسة الّتي أرشد التّقليد الرّسوليّ الكنيسة الّتي تعدّها مقدّسة. وهو يحوي للعهد القديم 46 سفرًا، وللعهد الجديد 27.

ما هي أهمّيّة العهد القديم بالنّسبة إلى المسيحيّين؟

المسيحيّون يوقّرون العهد القديم على أنّه كلمة الله الحقيقيّة. وجميع أسفاره موحىً بها وهي تحتفظ بقيمة لا تزول. وهي تشهد للنّهج الّذي تنهجه محبّة الله الخلاصيّة. وقد كُتبت خصوصًا لإعداد مجيء المسيح مخلّص العالم.

ما هي أهمّيّة العهد الجديد بالنّسبة إلى المسيحيّين؟

العهد الجديد، الّذي موضوعُه المركزيّ يسوع المسيح، يعلّمنا حقيقة الوحي الإلهيّ النّهائيّة. في العهد الجديد، الأناجيل الأربعة لمتّى ومرقس ولوقا ويوحنّا، هي الشّهادة المُثلى على حياة يسوع وتعليمه. إنّها قلب الأسفار المقدّسة كلّها ولها في الكنيسة مكانة فريدة.

ما هي الوحدة القائمة بين العهدين القديم والجديد؟

الكتاب المقدّس واحد إذ إنّ كلمة الله واحدة وقصد الله الخلاصيّ واحد، والوحي الإلهيّ واحد في هذا العهد وذاك. العهد القديم يُهيّئ الجديد، والعهد الجديد يتمّم القديم. وفي الواحد منهما إيضاح للآخر.

ما هي مهمّة الكتاب المقدّس في حياة الكنيسة؟

يولي الكتاب المقدّس حياة الكنيسة عِمادًا وحيويّة. وهو لأبناء الكنيسة مَنعة إيمان، وغذاءً وينبوعَ حياة روحيّة. إنّه لعلم الّلاهوت والكرازة الرّاعويّة بمثابة الرّوح. يقول صاحب المزامير إنّه “مصباح لقدمَيّ ونور لسبيلي” ( مزمور118 [119]  : 105). لذلك تحرّض الكنيسة على المثابرة على قراءة الكتاب المقدّس، إذ إنّ في جهل الكتب المقدّسة جهلًا للمسيح” (القدّيس إيرونيموس).