الكنيسة المارونية والتعليم العالي

مقدّمة

  1. لقد وَعَت الكنيسة المارونيّة باكرًا أنّ التعليم العالي مجالٌ واسع للرسالة وأداةٌ من أدواتها المميّزة، لأنّه يتيح خدمة الكنيسة والبشر من خلال العقل، فأولَته اهتمامها الكبير. ولئن تعذّر على الباحث أن يُحدّد بدقّة أوّلَ عهد الموارنة بالتعليم العالي، لاضطراب مدلول هذا المصطلح في القرون الماضية من جهة، ولافتقارنا من جهةٍ أخرى إلى المعطيات التاريخيّة الدقيقة والثابتة في شأن هذا الموضوع، فإنّ ثمّة إجماعًا على اعتبار تاريخ تأسيس المدرسة المارونيّة في روما، في العام 1584، الانطلاقة الفعليّة لانفتاح الموارنة، انفتاحًا ملحوظًا ومنظّمًا وهادفًا، على التعليم العالي[1]. إلاّ أنّ بذورَ اهتمام الموارنة بهذا التعليم بدأت تظهر مع إرسال الدُفعة الأولى من الشبّان الموارنة إلى الغرب لتلقّيه، في الربع الأخير من القرن الخامس عشر[2].
  2. ولقد جدّ الموارنة في طلب التعليم العالي وأقبلوا على تلقّيه وتحصيله في روما أوّلاً، ولاحقًا منذ القرن التاسع عشر حتى أيّامنا، في الجامعة الأميركيّة في بيروت التي أُنشئت على يدِ بعض الإرساليّات البروتستانتيّة في العام 1866، وفي جامعة القدّيس يوسف في بيروت التي أنشأتها جمعيّة الآباء اليسوعيّين في العام 1875، وفي الجامعة اللبنانيّة التي تأسّست في العام 1951، فضلاً عن جامعات أوروبا وأميركا. وقد سعى الموارنة بدورهم إلى نشر التعليم العالي من خلال المؤسّسات التي أنشأوها لهذه الغاية، وفي طليعتها مدرسة عين ورقة (1789) في كسروان التي أطلقها البطريرك يوسف اسطفان الغوسطاويّ، خرّيج المدرسة المارونيّة في روما. كما يعود الفضل للمطران يوسف الدبس، راعي أبرشيّة بيروت المارونيّة، بتأسيس معهد الحكمة العالي لتدريس الحقوق (1875-1913) بفرمان عثمانيّ، وقد تمّ تحويله في العام 1999 إلى جامعة الحكمة. وفي المدّة الأخيرة، وبعد صدور قانون التعليم العالي في لبنان، في العام 1961، أنشأت بعض الرهبانيّات المارونيّة مؤسّسات جديدة للتعليم العالي وهي: جامعة الروح القدس، الكسليك (1962) التابعة للرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، وجامعة سيّدة اللويزة (1987) التابعة للرهبانيّة المارونيّة المريميّة، والجامعة الأنطونيّة (1996) التابعة للرهبانيّة المارونيّة الأنطونيّة، والمعهد العالي للعلوم التمريضيّة والعلاج الفيزيائيّ (2000) وهو لراهبات العائلة المقدّسة المارونيّات. تجدر الإشارة إلى أنّ مبادرة أبرشيّة بيروت المارونيّة، ومبادرة الرهبانيّات المارونيّة المذكورة أعلاه، إلى تأسيس الجامعات، لم تكن حدثًا مرتجلاً في تاريخها، بل تندرج في مسيرة طويلة قامت على توارث المعرفة ونقلها وتثّمينها وتطويرها، وكانت امتدادًا لمسيرة الترقّي الثقافيّ الذي كانت تلك المؤسّسات التربويّة من روّاده.
  3. وغنيّ عن البيان أنّ الظروف التاريخيّة للتعليم العالي بالنسبة إلى الموارنة هي اليوم غيرها بالأمس. فإنّ تأسيس المدرسة المارونيّة يندرج في إطار التحدّيات التي أثارتها حركة الإصلاح البروتستانتيّ، وفي سياق التدابير التي اعتمدتها الكنيسة الكاثوليكيّة في وجهها، ومنها انعقاد المجمع التريدنتيّ (1554 – 1563) الذي أطلق حركة التجديد الكاثوليكيّ المضادّة. وبفضل تقدّم الحركة المسكونيّة بين الكنائس، تمّ اليوم تجاوز هذه الأوضاع التي رافقت نشوء كلّ من الجامعتين الأميريكيّة واليسوعيّة. ولقد تبدّلت المعطيات تبدّلاً جذريًّا، وحسبنا للتدليل على ذلك التذكير بأنّ التعليم العالي كاد يكون، في هذه المراحل التاريخيّة المتقدّمة، محصورًا في الإكليروس المارونيّ[3]، وقد أقبل اليوم عليه جميع اللبنانيّين، على اختلاف طوائفهم؛ وبأنّ المدرسة المارونيّة في روما كانت المؤسّسة الوحيدة المختصّة حصرًا بالتعليم العالي والتي شارك اللبنانيّون في مشروع إنشائها، وقد تجاوز عدد مؤسّسات التعليم العالي العاملة اليوم في لبنان الأربعين.
  4. في ضوء ما تقدّم يعرض النصّ في الفصل الأوّل أبرز الثوابت التي يمكن استخلاصها من مسيرة الموارنة الطويلة في مجال التعليم العالي. وبما أنّ هذه الثوابت زاخرةٌ بالعِبَر، فلا ريب في أنّ استذكارها والتأمّل فيها من شأنه أن يرسم أمامنا، في إطار مجمعنا، بعض آفاق المستقبل وتحدّياته، ومن شأنه أيضًا أن يساعدنا في تبنّي الخيارات التي تحقّق خير كنيستنا ووطننا بجميع أبنائه. ويعرض النصّ في الفصل الثاني واقع التعليم العالي في لبنان حاضرًا، كما يبدو من خلال تجربة الجامعة اللبنانيّة والجامعات الخاصّة عامّةً، بالإضافة إلى تجربة الجامعات المارونيّة المذكورة أعلاه. وفي الفصل الثالث والأخير يعرض النصّ موقف الكنيسة المارونيّة ورسالتها تجاه هذا التعليم مع ما يستتبعُ ذلك من اقتراحات وتوصيات من شأنها أن تُسهم في تعزيز هذا التعليم ونموّ رسالة الكنيسة.

الفصل الأوّل: الثوابت التاريخيّة والعِبَر من تجربة الموارنة في التعليم العالي

أوّلاً: الثوابت التاريخيّة التي يمكن استخلاصها من مراجعة تجربة مدرستَي روما وعين ورقة

1. إقبال الموارنة على طلب التعليم العالي

  1. إنّ مَن يطّلع على تاريخ المدرسة المارونيّة في روما، لا يسعه إلاّ أن يُقدّر وعي البطاركة الموارنة لحاجة كنيستهم الملحّة إلى تنشئة رجال الإكليروس فيها تنشئة علميّة رصينة ووافية، وأن يقدّر أيضًا بذلهم المساعي الحثيثة والجهود الدؤوبة لأجل تأمينها في أفضل الظروف المؤاتية. وتشهد على هذين الوعي والسعي تقارير الموفَدين الذين تولّوا التفاوض باسمهم، بغيةَ إنشاء المدرسة، مع المسؤولين في الدوائر الرومانيّة المعنيّة، ومراسلات البطاركة في هذا الخصوص. وخير دليلٍ على أنّ اهتمام الموارنة بالتعليم العالي لم يكن عابرًا أو ظرفيًّا، بل مركّزًا ومتواصلاً، هي المهمّة الطويلة والشاقّة التي تولاّها المطران الياس الحويّك، قبل أن يصبح بطريركًا، للعمل على إعادة فتح المدرسة المارونيّة بعد إقفالها عام 1808 إثر احتلال الجيوش الفرنسيّة مدينة روما، فاقتضت منه بذل جهودٍ مضنية والقيام بجولةٍ تنقّل في المدن الإيطاليّة ثمّ الفرنسيّة وصولاً إلى الآستانة، لجمع التبرّعات وتأمين التمويل الضروريّ.
  2. ولا بدّ أيضًا من تقدير التضحيات الجسديّة والمعنويّة الجسيمة التي ارتضاها تلامذة المدرسة المارونيّة في روما، في سبيل تحصيل العلم. وتؤكِّد ذلك الرسالة التي وجّهها إليهم البطريرك اسطفان الدويهي وهو يقول لهم: “تعرفون أنّكم تغرّبتم عن الأوطان وتركتم الأهل رغبةً في تحصيل العلوم الإلهيّة، وتحمّلتم لهذه البغية مشقّةَ الأسفار ومرارة الاغتراب،]…[. فإذا كنتم منذ نعومة أظفاركم فضّلتم اكتساب العلوم على الأهل والآباء، وجب عليكم أن تبذلوا نفوسكم في تحصيلها وتسهروا هجعات الليالي بمسامرتها ]…[. ونحن نعلم أنّ الطريق لا تخلو من مشقّة وشقاء…”.
  3. وإضافةً إلى وعي المسؤولين الكنسيّين ضرورة التعليم العالي وسعيهم لتأمينه، وقبول التلامذة أن يتكبّدوا عناء تحصيله، نتبيّن أنّ الموارنة أقبلوا بأعدادٍ ملحوظة على طلب هذا التعليم[4]. قد تبدو هذه الأعداد ضئيلةً بالنسبة إلى الأعداد في أيّامنا، ولكنّها تكتسب دلالتها الكاملة وتعبيرها الأكيد عن اهتمام الموارنة البالغ بالتعليم العالي، إذا وضعناها في إطارها التاريخيّ الصحيح. وهذا يدعو إلى الأخذ في الاعتبار المعطيات الديموغرافيّة في أيّام المدرستَين، وطاقتهما على استيعاب عددٍ محدودٍ من الطّلبة الذين كان يتعيّن عليهما أن تؤمّن لهم متطلّبات الدراسة والإقامة والإعالة، بصورةٍ مجّانيّة، طوال المدّة التي تستغرقها تنشئتهم، إضافةً إلى ضرورة تأمين نفقات السفر للتلامذة الذين كانوا يقصدون روما. فيتبيّن لنا في ضوء ذلك كلّه أنّ أعداد خرّيجي هاتَين المدرستَين تدلّ بوضوحٍ على أنّ الموارنة أقبلوا على الالتحاق بهما بأعدادٍ تسترعي الانتباه. ويضاعف من دلالة هذه الأعداد وقيمتها الأثر الكبير الذي تركه هؤلاء الخرّيجون، في لبنان والشرق، على صعيد الدّين والأدب والفكر والسياسة والثقافة، ودورهم الرائد والحاسم في النهضة العربيّة.

2. إهتمام الموارنة باللغة العربيّة واللغات الأجنبيّة

  1. أدرك الموارنة، منذ تجربة المدرسة المارونيّة في روما، أهميّة اللغات أداةً للتواصل والتفاهم والحوار. وتميّزت هذه التجربة باهتمام تلاميذ تلك المدرسة باللغات الأجنبيّة وإتقانهم هذه اللغات، ونقلهم منها وإليها تعريبًا وترجمةً. فأثّر ذلك كلّه في تعرّف الغرب بحضارات الشرق وتراثه، وانفتاح الشرق على حضارات الغرب وثقافته، ودخوله في عصر الحداثة، وإحياء اللغة العربيّة وآدابها، وتحقيق النهضة.
  2. واللافت أنّ الموارنة أدركوا أهميّة إتقان اللغات الأجنبيّة، وفي طليعتها اللاتينيّة، ليفيدوا من علوم الغرب، ويقيموا معه اتّصالاً شخصيًّا وعلاقاتٍ مباشرة تُغني عن الوسيط وتُزيل الالتباسات وسوء التفاهم. وأدركوا في الوقت نفسه أهميّة إتقان اللغات الشرقيّة، وفي طليعتها السريانيّة والعربيّة، ليضطلعوا اضطلاعًا فعّالاً بأعباء الرسالة المسيحيّة التي دُعوا إلى تأديتها، ولينشروا في أوطانهم وخارجها عقائد الإيمان ومكتسبات المعارف والعلوم الحديثة[5]. فالانفتاح على الغرب، عن طريق إتقان لغاته، لا يسوّغه في نظرهم إلاّ ارتباطهم الأصيل بالشرق ورغبتهم في خدمة أبنائه. وقد يكون تلامذة المدرسة المارونيّة في روما خيرَ مَن وعّى المعنى الحقيقيّ والعميق للثنائيّة اللغويّة السليمة التي لا تكون مصدر غنىً إلاّ إذا وجّهت توجيهًا مقصودًا نحو إغناء اللغة الوطنيّة وتطويرها[6]. ويندرج في إطار هذا الوعي حِرصُ جمعيّة الآباء اليسوعيّين الذين تولّوا إدارة المدرسة المارونيّة على مدى 189 سنةً، منذ تأسيسها حتى توقيف رهبانيّتهم سنة 1773، على أن تُعيِّن فيها رهبانًا موارنة من الجمعيّة “ضنًّا منهم على إحياء الحياة الطقسيّة الأصيلة، وتعليم السريانيّة والعربيّة، وتسهيلاً للصلاة الروحيّة، في لغة الطلاّب الأمّ”[7].
  3. ولنا في المدرسة الإعداديّة التي أنشأها البطريرك يوحنّا مخلوف سنة 1624 في سيّدة حوقا القديمة، خير دليلٍ على اهتمام الموارنة باللغات في بلادهم، ووعيهم دورَها في تنشئة النُخب المثقّفة. فقد كانت هذه المدرسة تعلّم ستّ لغات هي: السريانيّة والعربيّة واليونانيّة واللاتينيّة والتركيّة والفارسيّة، وتُعِدُّ بذلك الطلاّب المتفوّقين لإرسالهم إلى المدرسة المارونيّة في روما. وتجلّى هذا الاهتمام باللغات في مدرسة عين ورقة أيضًا. فالبطريرك يوسف حبيش، خرّيج مدرسة روما، أضاف اللغتَين اللاتينيّة والإيطاليّة إلى اللغتَين السريانيّة والعربيّة بعد أن تبيّن له أنّهما أصبحتا عاجزتَين عن تلبية الحاجات المتولّدة من التحوّلات الاقتصاديّة والسياسيّة في النصف الأوّل من القرن التاسع عشر، وسوف يضيف القيّمون على المدرسة تدريس اللغة الفرنسيّة، في المرحلة التي أعقبت أحداث العام 1860، لتمكين تلامذتها من مواكبة التحوّلات الجديدة[8].
  4. ولا ريبَ في أنّ الموارنة، بدفاعهم عن غنى التعدّد اللغويّ، كانوا أوفياء لما تميّز به، منذ أقدم العهود، سكّان المناطق التي يتألّف منها اليوم لبنان. ففي حقبات كثيرة من تاريخ هذا الوطن شاعت فيه ظاهرةُ التعدّد اللغويّ، فتجاورت فيه اللغةُ الساميّة المهيمنة واللغات الساميّة الأخرى المتداوَلَة، مع لغاتٍ أخرى غير ساميّة. فبعد المرحلة التأسيسيّة التي طغت فيها اللغة الفينيقيّة، تعاصرت على هذه الأرض لغتان هما الفينيقيّة والآراميّة، وفي المدن الساحليّة ثلاث لغات هي الفينيقيّة والآراميّة واليونانيّة. ثمّ استعمل السكّان، في العهد الرومانيّ، الآراميّة واليونانيّة واللاتينيّة. ومع الفتح العربيّ، عرف لبنان وجهًا جديدًا من الثنائيّة اللغويّة الساميّة، تمثّل في اللغتَين العربيّة والآراميّة وامتدّ حتى القرن الثامن عشر، الذي تقلّص فيه تداول اللغة الآراميّة، ولكنّه شهد مبادلات تجاريّة مع إيطاليا أدّت إلى دخول اللغة الإيطاليّة لبنان، وشهد أيضًا قيام عددٍ من المدارس التي تولّت تعليم اللغتَين الإيطاليّة والفرنسيّة إلى جانب العربيّة. وقُدِّر للفرنسيّة أن تحلّ، منذ أحداث 1840-1860، محلّ الإيطاليّة بصورةٍ كاملة، بفضل انتشار المؤسّسات التعليميّة التي أنشأتها الإرساليّات الفرنسيّة. ولا حاجة بنا إلى الاستفاضة في الحديث عن ظاهرة التعدّد اللغويّ السائدة حاليًّا في لبنان، وقد بدأت طلائعها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر مع البعثات البروتستانتيّة التي أدخلت إليه اللغة الإنكليزيّة. فيبدو جليًّا أنّ التعدّد اللغويّ هو من سمات لبنان العريقة والراسخة والدائمة، وهو من خصائصه المميِّزة.
  5. وتُبيّن دراسة تاريخ لبنان على الصعيد اللغويّ أنّ التعدّد اللغويّ الذي قام فيه منذ أقدم العهود حتى اليوم، هو على نوعَين: تعدّد لغويّ ذو طابع نفعيّ، ناجمٌ عن ضرورات التبادل التجاريّ ومقتضيات العلاقات السياسيّة الدوليّة، ولكنّه لا يخلو من انعكاساتٍ ثقافيّة، وتعدّد لغويّ يغلب عليه الطابع الثقافيّ. ويمكن الجزم بأنّ هذا التعدّد اللغويّ، أيًّا تكن أسبابه ـ وغالبًا ما يكون مردّها إلى دوافع سياسيّة أو اقتصاديّة أو ديموغرافيّة أو دينيّة، أو إلى خليطٍ منها – هو تقليدٌ يعود إلى نيّفٍ وثلاثة آلاف سنة، وهو من الثوابت في تاريخ لبنان القديم والمعاصر، وقد حقّق انفتاح لبنان على العالم الخارجيّ وتواصله معه، وكانت له دومًا آثارٌ ثقافيّة متبادلة ومتفاعلة، فيصحّ اعتباره عنصرًا أساسيًّا في مكوّنات هويّة هذا البلد الوطنيّة، وسمةً مميّزة في أبعاد رسالته الحضاريّة والإنسانيّة.

3. تحصيل العلم بهدف توظيفه في خدمة الجماعة والمجتمع

  1. إنّ براءة تأسيس المدرسة المارونيّة في روما وثيقةٌ مرجعيّةٌ بالغة الأهميّة، لأنّها ترسم بوضوحٍ الغاية من إنشاء هذه المدرسة، وتحدّد بدقّةٍ المسؤوليّات التي تعيّن على تلامذتها الاضطلاع بها بعد تخرّجهم. ويَحْسُن بمجمعنا البطريركيّ أن يستوحي من تلك البراءة بعض مبادئ الشرعة التربويّة التي سيدعو إلى إعلانها والتي ستركّز على خدمة الإنسان المخلوق على صورة الله. فالغاية الأُولى والأساسيّة من إنشاء المدرسة المارونيّة هي، في نظر البابا غريغوريوس الثالث عشر، “تقوية الإيمان عند الموارنة، وتثقيفهم بالعلوم الصالحة، وتربيتهم على التعليم السليم والفضائل المسيحيّة الكاملة، ليكونوا رسلاً ينشرون عبير التقوى وتعاليم الكنيسة المقدّسة على أرز لبنان، وعلى طائفتهم، وفي بلدانهم”. وفي موضعٍ آخر تتابع البراءة: “ولنا الأمل الوطيد أنّ تلاميذ هذه المدرسة، على مدى الأيّام المستقبلة، بعد امتلائهم من عبير التقوى والديانة الحقيقيّة ]…[ يوزّعونه على أرز لبنان وعلى طائفتهم، عاملين في خدمة الربّ، ومجدّدين في بلدانهم الإيمان الضعيف ومُساندينه. وهكذا يتحوّل عملٌ مادّيٌّ لا يفيد إلاّ القليل من زائري روما، إلى عملٍ روحيّ يكون للطائفة كلّها ولخلاصها”. ويظهر جليًا من هذه البراءة التشديد بقوّة على عودة التلاميذ بعد اكتمال تنشئتهم إلى البلدان التي انطلقوا منها، من أجل الخدمة. وبهذا تأكيد الرابط العضويّ بين اغتناء التلامذة الفكريّ والروحيّ، على المستوى الفرديّ، عن طريق التعلّم، وبين توظيف ما اكتسبوه في خدمة الجماعة، أيّ ربط التربية بمفهوم الرسالة. وتدعو البراءة التأسيسيّة إلى روح الانفتاح التي تنادي بتعزيزها. فهي لا تقصر الفائدة المرجوّة من إنشاء المدرسة على الموارنة وحدهم، أو حتى على لبنان، بل دعت أيضًا الى تعميم هذه الفائدة، بنشرها “في بلدانهم”، أيّ سائر البلدان التي كان تلامذتها يفِدون منها، أو يعودون إليها، وهي، بالإضافة إلى لبنان، سورية وفلسطين وقبرص ومالطا. ونجد صدىً أمينًا لهذه التوجّهات في رسالتَين وجّههما البطريرك اسطفان الدويهي إلى طلاّب مدرسة روما. وتستوقفنا فيهما نفحتهما الإنجيليّة البارزة، وما تتضمّنه من مفاهيم تربويّة تبدو على درجةٍ كبيرةٍ من الحداثة في ربطها بين اكتساب العلم ونفع الآخرين به: “فنرغب إليكم أيّها الأبناء الأعزّاء أن لا تتوانَوا في النعمة التي أُعطِيتموها ولا تستخفّوا بما دُعيتم إليه، لأنّ الربّ انتخبكم من بين ألوف، وكفاكم كلّ الحاجات، لتزيّنوا نفوسكم بالفضائل والصالحات، أملاً بأن تفيدوا قريبكم بعلمكم…”. ويذكّرهم في رسالةٍ أخرى بالمسؤوليّة الملقاة على عاتقهم: “لم نرسلكم إلى بلدان بعيدة برًّا وبحرًا إلاّ لتتعلّموا العلوم الإلهيّة وترجعوا فتفيدوا غيركم وتتاجروا بالوزنات لأنّ الشرق مفتقرٌ إلى من يعلّمهم ويهذّبهم…”[9].

ثانيًا: إسهام الموارنة في التعليم العالي قبل صدور قانون تنظيم هذا التعليم (1961) وبعده

  1. بعد أن استعرض النصّ بعض الثوابت الزاخرة بالعِِبَر من مسيرة الموارنة في التعليم العالي في ضوء تجربة المدرسة المارونية بروما ومدرسة عين ورقة، لا بدّ من دعوة المسؤولين عن مؤسّسات التعليم العالي المعنيّة إلى كتابة نصٍّ يعرض في مرحلة أولى إسهام جامعة القدّيس يوسف في مسيرة التعليم العالي في لبنان عامّة، وفي إعداد الهيئات الإداريّة والتعليميّة التي ستتولّى شؤون مؤسّسات التعليم العالي المارونيّة خاصّة، وفي مرحلةٍ ثانية إسهام كلّ من أبرشيّة بيروت المارونيّة وبعض الرهبانيّات المارونيّة في مجال هذا التعليم قبل أن تنشئ رسميًّا المؤسسات الجامعيّة المعروفة وفق قانون تنظيم التعليم العالي في لبنان الصادر في العام 1961، على أن يعرض النصّ بإيجاز، في مرحلة ثالثة، الخصوصيّة التي تتميّز بها كلٌّ من تلك الجامعات.

الفصل الثاني : الواقع الراهن، المعطيات والتحدّيات 

  1. أخذ المجمع علمًا بأنّه قبل الأحداث التي اندلعت في العام 1975 في لبنان، كان عدد المؤسّسات التي تؤمّن التعليم العالي فيه، محدودًا؛ وبأنّ سنوات الحرب قد عرفت، لأسباب ودوافع مختلفة، تكاثرًا ملحوظًا في عدد هذه المؤسّسات، الذي بات يومها يناهز العشرين؛ وبأنّ التعليم العالي قد شهد، في النصف الثاني من عقد التسعينيّات، وبالتحديد في الأعوام 1996، 1999، 2000، و2001، حركة توسّع ملحوظةً في عدد جامعاته وكليّاته ومعاهده، وأحجامها، واختصاصاتها، وشهاداتها، وطلاّبها، وخرّيجيها، تجاوزت التوسّع الذي عرفه هذا التعليم طوال قرنٍ من الزمن، بعد أن رخّصت الحكومة، في حقبة زمنيّة محدّدة (1996 ـ 2001) لثلاثة وعشرين كليّةً أو معهدًا جامعيًّا أو جامعة، وحوّلت كليّات إلى جامعات، وأجازت إنشاءَ عشرات الكليّات والمعاهد الجديدة داخل الجامعات القائمة قبل هذا التاريخ، فتضاعف عدد المؤسّسات العاملة في لبنان من 22 إلى 41، وارتفع عدد الطلاّب من حوالي ثمانين ألفًا في العام (1995 ـ 1996) إلى ما يناهز مئةً وثلاثين ألف طالبٍ في العام (2002 ـ 2003)، وتنوّعت الاختصاصات الجامعيّة فقاربت المئة وخمسين اختصاصًا؛ وبأنّ في لبنان حاليًّا: جامعة رسميّة واحدة، 17 جامعة خاصّة، 18 معهدًا جامعيًّا أو كليّة جامعيّة، 5 معاهد تكنولوجيّة جامعيّة.
  2. فرأى المجمعُ أنّ قيام أربعين مؤسّسة ونيّف للتعليم العالي في لبنان ليس في حدّ ذاته جوهر المشكلة، فقد تكون هذه الظاهرة دليل عافية، ويمكنها أنْ تُعتبر ثروة. ولكنّ المشكلة تكمن بصورةٍ أساسيّة، من جهةٍ، في الأوضاع الصعبة التي تعاني منها الجامعة اللبنانيّة، وتكمن من جهةٍ أخرى في المراسيم الصادرة عن الحكومة، سواء لتنظيم قطاع التعليم العالي الخاصّ أو للترخيص لمؤسّساته، وتكمن أخيرًا في ممارسات بعض هذه المؤسّسات.

أوّلاً: المشاكل التي تعاني منها الجامعة اللبنانيّة[10]

1. الأبنية والتجهيزات

  1. أخذ المجمع علمًا:
  • بأنّ الجامعة اللبنانيّة تتألّف من 13 كليّة و4 معاهد موزّعة جغرافيًّا على 40 فرعًا و3 شُعب، إضافةً إلى 11 مركز دراسات وأبحاث وتعليم مرتبطة بعشر كليّات. وتتوزّع هذه الكليّات والمعاهد والفروع مع الإدارات على 94 مبنىً تقريبًا.
  • وبأنّه لا يتوافر في الأغلبيّة الساحقة من هذه الأبنية الحدّ الأدنى من شروط البناء الجامعيّ. فباستثناء عدد قليل جدًا منها، إنّ أغلبيّتها الساحقة هي أبنية سكنيّة غير معدّة للتعليم الجامعيّ[11]. وبأنّ معظم الكليّات والمعاهد لا يملك الأجهزة والمعدّات والمكتبات والمختبرات المناسبة.

ولا بدّ، مع ذلك، من التنويه بإنجاز المجمّع الجامعيّ الجديد في الحدث ـ الشويفات، وهو مجمّعٌ عصريّ يستوفي شروط النوعيّة من حيث البناء والمساحات الخضر، والتجهيزات المتطوّرة، وغرف نوم الطلاّب. إلاّ أنّ الفروع الأخرى ما زالت تنتظر بناء مجمّعات خاصّة بها في مختلف مناطق لبنان، ويخشى أن يطول انتظارها.

2. الإداريّون وأوضاعهم

  1. وأخذ المجمع علمًا بأنّه لا يوجد في الجامعة اللبنانيّة نظام خاصّ لاختيار العاملين الإداريّين[12] وتعيينهم، وبأنّ تعيينهم يخضع أحيانًا لتدخّلات سياسيّة وطائفيّة ومناطقيّة، وبأنّ نظام الرواتب المعمول به منخفض جدًّا، إضافةً إلى الخلل في التقديمات الصحيّة والاجتماعيّة، والضعف في مجال المكننة.

3. الهيئة التعليميّة وأوضاعها 

  1. وأخذ المجمع علمًا بأنّ أبرز المشاكل التي تعاني منها الهيئة التعليميّة[13] هي:
  • غياب الأمن الوظيفيّ بالنسبة إلى عدم تفريغ مَن يستحقّ من المتعاقدين بالساعة، وعدم فتح الملاك للمتفرّغين المستوفين الشروط القانونيّة والأكاديميّة. وثمّة خلل في قانون التفرّغ وفي آليّة تطبيقه، الأمر الذي يستدعي إصدار قانونٍ جديد يأخذ في الاعتبار ضرورة تأمين مستلزمات التفرّغ وتمكين الأستاذ الجامعيّ من الاتّصال بسوق العمل.
  • غياب الخطط لتحضير أفواج جديدة في الاختصاصات التي تحتاج إليها الجامعة، علمًا بأنّه سيحال على التقاعد حتى العام 2020 ما يزيد عن 1277 أستاذًا، ومعدّل عمر أفراد الهيئة التعليميّة 55 عامًا،
  • غياب تقويم الأداء والتطوير المهنيّ: لا أنظمة خاصّة لتقويم الأداء الأكاديميّ، ولا برامج خاصّة لتجديد المعارف لدى الهيئة التعليميّة،
  • شكوى الأساتذة على صعيد الرواتب والتقديمات: هناك حقوق منصوص عليها في القوانين لا يحصل عليها الأساتذة (المادّة 14 من القانون 717)، ولا إعطاء لغلاء المعيشة منذ 1996 (زيادة 30٪)، وثمّة خلل في تطبيق نظام الأبحاث، ومصاعب في صندوق تعاضد الهيئة التعليميّة. وهناك ظلم واسع في نظام التقاعد على عدّة مستويات.

وتجدر الإشارة إلى أنّ اتّفاقيّات تعاون عديدة وُقِّعت مع جامعات أوروبيّة سمحت بإنشاء Ecole doctorale لطلاّب الدراسات العليا والدكتوراه، يخضعون بموجبها لإشرافٍ مشترك بين الأساتذة اللبنانيّين والأوروبيّين. هذه الخطوة تسمح للطلاّب اللبنانيّين بمتابعة تحصيلهم العالي من دون الاضطرار إلى الهجرة، وتساهم في إنشاء المختبرات وتشجيع البحث العلميّ وتبادل الخبرات.

4. ضعف موازنة الجامعة اللبنانيّة

  1. وأخذ المجمعُ علمًا بالخلل في آليّة وضع الموازنة، إذ تفرضها السلطة التنفيذيّة بما يناقض أنظمة الجامعة. تجدر الإشارة إلى أنّ الحكومة تخفّض موازنة الجامعة ( 1.6٪ فقط من الموازنة العامّة) رغم زيادة عدد الناجحين في البكالوريا (عددهم في السنوات الأربع الأخيرة أكثر من 90 ألف تلميذ). وتجدر الإشارة أيضًا إلى أنّ 96.3٪ من موازنة الجامعة تُصرَف على الأجور والتعويضات.

5. الطلاّب

  1. وأخذ المجمع علمًا بأنّه، بالإضافة إلى ضعف القدرة الاستيعابيّة في الأبنية الجامعيّة، لا اهتمام بكلّ جوانب إعداد الطلاّب اجتماعيًّا ونفسيًّا ومهنيًّا وثقافيًّا. فلا غرف سكن لهم، ولا مطاعم، ولا توجيه وإرشاد، ولا اهتمام بمشاكل التسرّب أو التخرّج، ولا رعاية لتنظيمهم النقابيّ، ولا مِنَح وطنيّة، ولا مِنَح تفوّق. كما لا يُعْتبَر الطلاّب شركاء في تقويم أساليب التدريس والمناهج وتجديدها، ولا اشتراك لهم في إطار البنى القائمة لرسم السياسات الأكاديميّة أو في إدارة الجامعة. وبالمقابل ثمّة محاولات لهيمنة الأجهزة المتعدّدة على حركتهم.

6. التعليم والبحث العلميّ

  1. وأخذ المجمع علمًا بالتباعد في العلاقة بين محتوى التعليم وعالم العمل، وبغياب مشاركة عالم العمل في تقويم التعليم، وبغلبة للدراسات النظريّة على حساب التدريب في موقع العمل؛

ورغم الجهود التي بذلتها لجنة البحث العلميّ في رئاسة الجامعة من أجل تنسيق مشاريع الأبحاث ووضع آليّات لصياغتها وإقرارها، ما زالت السياسة البحثيّة في الجامعة بحاجة إلى رؤيا أشمل وأعمق، وإلى التخلّي عن المركزيّة المفرطة تنشيطًا لمراكز الأبحاث وللأقسام الأكاديميّة والمبادرات الفرديّة والفريقيّة في الكليّات والمعاهد على اختلافها.

ثانيًا: المشاكل التي يعانيها التعليم العالي الخاصّ في لبنان[14]

  1. واعتبر المجمع أنّ التعليم العالي الخاصّ عالمٌ واسع، وأنّ أبعاده لكثيرة. وعلى الرغم من أهميّة البُعد التربويّ فيه، من برامج ومناهج وأساتذة وطرائق تدريس وأنماط تعليم وأبحاث علميّة، وعلى الرغم من خطورة شأن الجوانب الماليّة فيه عامّةً، وخاصّةً في الظروف الاقتصاديّة الراهنة، فسيقتصر التركيز هنا على النواحي القانونيّة. ومردّ ذلك إلى أنّ علاقة الدولة اللبنانيّة بمؤسّسات التعليم العالي الخاصّ تنحصر عمليًّا في هذه النواحي، وتكاد تختزلها. ومردّه أيضًا إلى أنّ قطاع التعليم العالي الخاصّ في لبنان يتخبّط حاليًّا في فوضى عارمة، باتت تهدّد بانعكاساتٍ سلبيّة، بل بالغة الخطورة، على حريّة التعليم العالي، وجودته، وديمومته، ومستقبله ومستوى الشهادات.

1. مسؤوليّة الدولة على صعيد التشريع

أ) تأخّر صدور التشريعات

  1. وإنّ المجمع، بعد أن تبيّن له أنّ السِمةَ المميِّزة لعلاقات الدولة اللبنانيّة بالتعليم العالي فيها، ترتبط إلى حدٍّ بعيد بدورِها المحدود في نشوئه وتطوّره وتنظيمه؛

وأنّ مؤسّسات التعليم العالي الخاصّ، التي يعود تأسيس بعضها إلى القرن التاسع عشر، مارست رسالتها التربويّة في استقلالٍ شبه تامّ عن السلطات الرسميّة؛ وأنّ حريّة التعليم التي كرّسها الدستور بقيت في الواقع، وعلى مدى عقود، بدون ضوابط تنظّمها، فالنصّ الأوّل، بل النصّ الوحيد إلى عهدٍ قريب، الذي يهدف إلى تنظيم التعليم العالي الخاصّ في لبنان هو القانون الصادر بتاريخ 26/12/1961، أيّ بعد انقضاء خمس وتسعين سنةً على تأسيس الجامعة الأميركيّة في بيروت، وأمّا المرسوم القاضي بتحديد الشروط والمواصفات والمعايير المطلوبة للترخيص بإنشاء مؤسّسةٍ خاصّة للتعليم العالي، أو باستحداث كليّةٍ أو معهدٍ في مؤسّسةٍ قائمة، فلم يصدر في الواقع إلاّ بعد انقضاء خمسٍ وثلاثين سنةً على صدور هذا القانون[15]؛

اعتبر أنّ الدولة اللبنانيّة تأخّرت كثيرًا في إصدار التشريعات التي تنظِّم قطاع التعليم العالي الخاصّ.

ب) نواقص في صياغة التشريعات

  1.  وإنّ المجمع، بعد أن تبيّن له أنّ هذا المرسوم يخالف في عددٍ من أحكامه أحكامَ قانون تنظيم التعليم العالي[16]؛

وأنّه لم يلحظ ضرورة منح الترخيص بإنشاء مؤسّسةٍ جديدة للتعليم العالي، أو باستحداث كليّةٍ أو معهدٍ أو اختصاصٍ جديد في مؤسّسةٍ مرخّصة قانونًا، على مرحلتَين: مرحلة أولى يكون فيها الترخيص مبدئيًّا وفي صيغة الموافقة الأوّليّة المشروطة، ومرحلة ثانية يصبح فيها الترخيص نهائيًّا ونافذًا[17]؛

وأنّه يشكو من خللٍ في صياغته، على صعيد صلاحيّات اللجنة الفنيّة، فنصوصه النافذة حاليًّا لا تمكّن اللجنة من القيام بالمهام الموكولة إليها، على الوجه المطلوب، لأنّ هذه اللجنة ذات صفة استشاريّة بحتة، ولا تتمتّع بصلاحيّاتٍ تقريريّة[18]؛

اعتبر أنّ نواقص جوهريّة تشوب صياغة هذا المرسوم التطبيقيّ.

ج) خلل في تطبيق التشريعات

  1. وإنّ المجمع، بعد أن تبيّن له أنّ معظم مراسيم الترخيص التي صدرت في السنوات الأخيرة يفتقر إلى الدقّة والوضوح، لأنّه يخلو من كلّ ما من شأنه تحديد الاختصاصات التي رُخّص للمؤسّسة بتدريسها، والشهادات التي رُخّص لها بمنحها، وتاريخ بدء سريان الإذن المعطى لها بمباشرة التدريس…[19] الخ؛

اعتبر أنّ مرسوم الشروط والمواصفات والمعايير يشكو خللاً في تطبيقه، واعتبر أنّه قد لا يجانب الصواب مَن يدّعي أنّ مجلس التعليم العالي، في غياب المعايير الواضحة والآليّات الدقيقة